الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

10 طرق لكي تقوم بالتغيير




10 طرق لكي تقوم بالتغيير

التغيير كلنا نحتاج إلى التغيير في وقت ما أو في مفترق طرق نحتاج إليه ولكن التغيير لا يشمل تغيير النفس فقط ولكن كيف تحمل كل من القادة والموظفين والعملاء وحتى نفسك على التغيير إلى الأفضل؟ هذا سؤال ربما تسأله لنفسك في كثير من الأوقات خاصة في ظل الظروف التي يمر بها العالم العربي في هذا الوقت ولا يحدث التغيير الحقيقي إلا إذا أراد الناس من قلوبهم هذا التغيير فعلًا وعملوا عليه


وهنا نعرض عليكم بعض الطرق التي تحفز بها التغيير لدى نفسك ومن حولك:
1. إحتضان طاقة الفرد:

كل منا له طاقة وإرادة كبيرة فأنت لا تعرف مدى قوتك إلا إذا إستجمعت كل إرادتك في عمل شئ معين ولكننا في هذا الوقت ومع السرعة التي نعانيها في عصر التكنولوجيا لا يسمح لأحد إلا في التفكير في كثير من الأشياء في نفس الوقت وهذا يهدر طاقتك ويشتتها لذلك عندما تريد أن تتغير يجب أن تضع لنفسك تسلسل معين يحتوي على خطوات لكي تنفذها على حدى بكل إرادتك لكي تصنع التغير الحقيقي
2. إجعله أقرب للحقيقة:

تخبرنا نظرية الأهداف أن الهدف يصبح فعال ومؤثر على صاحبه عندما يكون أقرب للواقع الملموس وقابل للقياس فهو بذلك يعطيه الأمل والخطوات الواضحة للتنفيذ والإنجاز لذلك إن كانت لديك أهداف محددة تستوجب منك التغيير سوف تقوم به من أجل تحقيق أهدافك

3. رسم صورة حية:

عندما أراد الطباخ الأمريكي الشهير جيمي أوليفر أن يغر عادا الطعام لدى أطفال أمريكا قام بجذب إنتباههم بصورة حية فقد قام بجمع دهو الحيوانات في شاحنة كبيرة وعندما قام أوليفر بتعليم طفل سمين كيفية الطبخ فقد أوضح كم هو الطبخ شي ممتع عندما قام ببعض الألعاب البهلوانية التي تشجعهم على حب تحضير الطعام المنزلي لذلك يكون من المفيد جدًا إذا بحثت عن نماذج لشخصيات كبيرة غيرت العالم من حولها وتستمع نصائحهم وتقرأ كتبهم مما يساعدك على تطوير نفسك واتخاذ خطوات أفضل نحو تغيير أفضل


4. تفعيل ضغط التحدي:

لأننا نحب أن نقتدي بالأشخاص الناجحين حولنا ونتحداهم في مجالات معينة أو سلوكيات معينة فأقراننا يمثلون لنا بعض النماذج الصغيرة للنجاح بحيث يشعروننا بالخجل من أنفسنا إذا ما قصرنا في أداء دورنا فهي تمثل نوع من الضغط المحفز على إرادتنا وطاقاتنا وهذا يمكن أن يحدث حتى مع أفراد الفريق الواحد
5. ترتيب الأفكار:

كل منا يمر في بعض الأوقات بنقطة تحول يجب فيها أن يحتضم طاقته ويوظفها بشكل جيد فهو قد يحتاج إلى التغيير كثيرًا في نفسه وبالرغم من رؤيتنا لعملية التغيير أنها عملية عشوائية تحدث بالمصادفة إلا أنها ليست كذلك في الواقع فهي تحتاج إلى تخطيط وترتيب من أجل إحداث التغيير المطلوب بالشكل الصحيح بحيث لا نعود لما سبق مرة أخرى


6. قيادة الموقف:
مثلًا في شركة كيف تعلم موظفيك أن يأكلوا الأطعمة الصحية أثناء إستراحة الغداء؟ يمكنك ذلك بطريقتين إما سرد بعض المعلومات عن فوائد الطعام الصحي أو تغير التدفق الفيزيائي وهذا ما فعلته جوجل حيث إستخدمت الإشارة لكي تجذب الناس تجاه ما تقوله أولًا ثم عرضت عليهم السلطة والخضراوات في قائمة الأطعمة في غرفة الطعام الأمامية وهذا الأسلوب في الإقناع يعتمد على المنطقة الفعالة لدى من تريد تغييره بحيث تجبره في قرارة نفسه على إتخاذ قرار التغيير عن طريق تغيير البيئة المحيطة به لكي تخبره ما تريد
7. يجب أن تحذف وليس فقط أن تضيف:
وعن قوة العادات الآن نتحدث وهذا هو أكبر ظاهرة نراها في مجتمعاتنا العربية هي التعود على شئ معين سواء صحيح أو خطأ المهم أنه يشعرنا بالأمن ويدخلنا في منطقة الراحة ونرفض أي تغيير يمس هذه العادة حيث أنه يمس هذه المنطقة بشكل مباشر فيرفضها العقل اللاواعي مما يترتب عليها رفضها في العقل الواعي ولكي نغير مثل هذه العادة يجب أن تغير مقوماتها بحيث تحذف أو تزيل ما يحعل الأشخاص مرتبطين بها أو ما يساعدهم في تنفيذها بحيث تحذف مقومات العادة السيئة وتضيف في نفس الوقت ما يقوم التغيير الذي تريد
8. جرءة إيجاد الصِلات:
يجب أن تجد رابط بين التغيير الذي تريد القيام به وما يحبه الناس وتوضحه لهم بشكل عملي وفي العادة يتم ربطه بالثواب أو العقاب إذا ما كنت في شركة مثلًا


9. عَلِّم وقُد بشكل جيد:
لكي تقوم بالتغيير المطلوب نحو الناس يجب أن تتغير أنت بنفسك حيث أنك لا تستطيع أن تأمر أو تنهى شخص عن فعل شئ ما وأنت تقوم به فهذا غير منطقي لذلك يجب أن تكون أنت مثالًا للتغيير بحيث يراه الناس عمليًا وقابل للتحقيق وليس شيئًا من درب الخيال
10. الحكم بناءً على السلوكيات:
تغيير الأشخاص ليست بالمهمة السهلة وخاصة إذا ما كانوا لا يريدون التغيير أو لا يفكرون فيه ولكن هناك طريقة أخرى وهي تغيير الأفراد الذين يذمهم الفريق بحيث تبقي على الأشخاص الذين يلتزمون بالسلوك الذي تريد وتتخلص من غيرهم وهذا لا يحدث بشكل عشوائي حيث يجب عليك أن تحكم عليهم من تصرفاتهم في الأوقات العادية وليس لمجرد نزاعات شخصية
والآن بعد أن عرضنا طرق لكي تقوم بالتغيير المطلوب في نفسك ومن حولك هل تراها مناسبة؟
إقرأ معنا أكثر عن تنمية مهاراتك:
1. كيف تزيد ثقتك في نفسك.
2. حلل شخصيتك من نظرية الأشكال الهندسية.
3. لغة العيون.
4. تأثير الألوان على حالتك المزاجية.
5. طرق لتكتشف نقاط قوتك.
6. كيف تعرض مشروعك للمستثمرين.
7. طرق لكي تقوم بالتغيير.
الإعداد: سها سامي -فريق ثقف نفسك-
المصدر: harvard business vie

ـــ بائع الفراولـــه ...

بـــائع الفراولـــه ...من أرووووع القصص


تقدم رجل عاطل عن العمل لشغل وظيفة منظف مراحيض
لمقابله مع مدير الشركه ..


قال المدير للعاطل عن العمل:


انك قبلت في الوظيفة لكن نحتاج بريدك الالكتروني


لنرسل لك عقد العمل والشروط..


فردّ الرجل العاطل عن العمل :


انه لايملك بريد الكتروني وليس لديه جهاز كمبيوتر في البيت..


فأجابه المدير :


ليس لديك جهاز كومبيوتر يعني انك غير موجود وان كنت غير موجود يعني انك لا تستطيع العمل لدينا !


خرج الرجل العاطل عن العمل مستاء


و بطريقه اشترى بكل ما يملك – وهو 10 دولارات- كيلو جرام من الفراولة


وبدأ بطرق الأبواب ليبيعها ..


في نهاية المطاف ربح الرجل 20 دولارا ..


بعد هذا أدرك الرجل ان العملية ليست بالصعبة ..


فبدأ في اليوم التالي بتكرار العملية 3 مرات..


وبعد فتره بدأ الرجل بالخروج في الصباح الباكر ليشتري أربعة أضعاف كمية الفراولة ..


وبدأ دخله يزداد إلى أن استطاع الرجل شراء دراجة هوائيه


وبعد فتره من الزمن والعمل الجاد استطاع الرجل شراء شاحنة


إلى أن أصبح الرجل يملك شركة صغيره لبيع الفراولة.


بعد خمس سنوات .....


أصبح الرجل مالك أكبر مخزن للمواد الغذائية..


بدأ الرجل يفكر بالمستقبل إلى أن قرر أن يؤمّن الشركة عند أكبر شركات التأمين


وفي مقابلة مع موظف شركة التأمين


قال الموظف : احتاج بريدك الالكتروني لأرسل لك عقد التأمين ..


فأجاب الرجل : بأنه لايملك بريد الكتروني وحتى انه لايملك كومبيوتر !!


رد موظف التأمين - مستغربا - :-


لقد أسست أكبر شركة للمواد الغذائية وبخمس سنوات


ولاتملك بريد الكتروني ماذا كان يحدث لو انك تملك بريد الكتروني !!


رد الرجل عليه :-
.
.
.
.


لو كنت أملك بريد الكتروني قبل خمس سنوات


لكنت الآن أنظف مراحيض الشركات!!


.
.


ان احيانا يمنع الله عنك امرا تحسبه انه الصالح لك


ولكنه سبحانه وتعالى يخبأ لك الافضل ..


وأحيانا يمنع عنك ميزه او شيء تحسبه خير


وقد يكون فيما بعد هذا الشيء سبب في تعاستك


فــ حمدا لله على كل حال.. وارض بقضاء الله في كل الأحوال

- See more at: http://7akawenaa.blogspot.com/2013/07/blog-post_23.html#sthash.tY16ryeO.dpuf

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

النص الكامل لرائعة عبد الرحمن يوسف (على راسها بطحة).. لعشاق الشعر والوطن




النص الكامل لرائعة عبد الرحمن يوسف (على راسها بطحة).. لعشاق الشعر والوطن



على راسْهَا بَطْحَةْ !
يا دولة من قبل الزمن والخريطةْ ...
ممنوعة ع العاقلين ومقفولة على ولاد العبيط والعبيطةْ ...
يا قاهرة أولاد البلد وبتنبهر بالشقر والبرنيطةْ ...
ياما اندهس فيكي الشريف في الزيطةْ ...
ياما اندهش فيكي الحكيم ورَزَعْ دماغه من العجب في الحيطةْ ...
* * *
يا دولة يا قِلَّةْ ...
محجوزة للنياشين وللشِّلَّةْ ...
ياللي لدمانا مستحلة، ولعرقنا مستغلةْ ...
الشريف مرمي في كوخ
والمفتري عايش في فيلا ...!
يا دولة يا جبلةْ ...
يا مستقلة في وش أولادك
وقدام العدا محتلةْ ...
يا دولة لا بتعزق ولا بتزرع ولا بتروي وتلهف في المعاد الغلَّةْ ...
يا دولة ماسكة لشعبها ذِلَّةْ ...
* * *
اكمنَّها لقيَّةْ ...
لا هي طايلة إسلامية أو شيوعية أو شرقية أو غربية أو ملكية أوثورية ...!
واكمنها تكِيَّةْ ...
المحترم فيها مالوش ديةْ ...!
مين اللي جاب الفقر من ستين سنة غيركْ؟
مين اللي كرشه حاينفجر م الهبر من خيركْ؟
مين اللي سَمِّمْ مَيِّتِكْ في الترعة وف زيركْ؟
مين اللي بيطَوِّلْ طوابيركْ ...
وبيعَمَّرْ مَوَاخيركْ ...
يا دولة يا حشاشة لكن عاملة مكسوفة
باقول لك شدي من مناخيركْ ...!
* * *
يا شعب ما اتذلش في أفكاره ولكن ذلته اللقمةْ ...!
يا شعب صابر كالجمل وفي نكتته حكمةْ ...!
وبتشتكي جوعك وغيرك يشتكي التخمةْ ...!
وإن قلت ليه أشحت واجوع؟
حيصدرولك كرش لابس عمةْ ...
وشه العكر يشبه دخول غُمَّةْ ...
علشان يقول لك بالنيابة عن إلهك ترضى بالقسمةْ ...!
وكإن ربك خد قرار ينسانا في الزحمةْ ...
ويكون نصيبنا من الوطن حبة فتات والشيخ نصيبه اللحمةْ ...
مع إن ربك وزع الأرزاق ووزع قبل منها الرحمةْ ...!
ونغني في المَوَّالْ على لحْنُهْ ...
مكتوب علينا نخاف من الباشا الفكيك ونْعَلِّي مِنْ شأنهْ ...
ونقَدِّسْ الجاهل عشان طَوِّلْ لنا دَقْنُهْ ...
يا منتهى الآمالْ ...
حَنْكَسَّرِ الأغْلالْ ...
يا دولة مرعوبة من الأطفالْ ...!
* * *
يا دولة من حكامها منكوبةْ
وراكبانا ومركوبةْ
يا دولةْ أمنا الغولةْ يا كركوبةْ يا مخروبةْ
يا دولة ملك المفتري ...
يا دولة يا مين يشتري ...
يا دولة فول نابت على سد الحنك على جمبري ...
تقدر تعارض ربنا وتشتم جميع الأنبيا فيها وتبقى عبقري ...
لكن يا ويل ويلك إذا عارضت حتة عسكري ...!
يا اللي انت في عرض الطريق متسابَةْ ...
يا مغلوبة يا غلابَةْ
يا منهوبَةْ يا نَهَّابَةْ
يا سَبُّوبَةْ يا سَبَّابَةْ
رافع فيكي سَبَّابَةْ
وحَسْبِنْت بدُموع عيني
يا محلوبة لبن طازة يربي كلاب على ديابَةْ ...
يا مَعْيُوبَةْ وعَيَّابَةْ ...
يا كاملة في عيون اللي بيكرهنا وجَذَّابَةْ ...
ونَاقْصَةْ في عيون ناسك وغَدَّارَةْ وقَلابَةْ ...
يا صادقة في الوعيد دايما وساعة الوعد كذابة ...
يا دولة تفرد العضلات على الستِّات بدبابة ...!
* * *
يا دولة يا مجبورة يا مضطرة ...
لا فالحة لا ف كورة ولا في الذرة ...
عمرك ما تفتكرينا في الحلوة
وتملي مجرعانا المرة ...
يا شاطرة في التعذيب وفي التعتيمْ ...
ولا يوم فلحتي في صحة أو تعليمْ ...
يا دولة ماشية بالوَدَعْ والغش والتنجيمْ ...
ياللي الذكي فيكي يروح للأجنبي
وكأنه شرط إن اللي راكب عرشها يبقى قفا وبهيمْ ...!
يا دولة من أولادها منبوذةْ ...
تدي تملي للابس الخوذةْ ...
عمرك ما تفتكرينا في الحلوةْ ...
وبرضه بتلاقينا في العوزةْ ...!
ساكتة وبتبلمْ ...
ولا راضية من أخطائها تتعلمْ ...
ولا راضية مع أوجاعنا تتألمْ ...
تضرب ولا تسَلِّمْ ...
كرباجها نسر ومخلبه على ضهرنا معلمْ ...!
* * *
يا دولة منفوخة على الفاضي ...
عايشة على التاريخ والماضي ...
الكل فيها بيتشرى ويتباع
من الباشا إلى الفراش
وم الوالي إلى الكناس
وم الريس إلى الأراجوز
وم المحضر إلى القاضي ...
والدولة ممكن تبقى خدامة لقاتل شعبها لو لون مبادئها بقى رمادي ...
والدولة تتحول لشرشوحة لو شعبها راضي ...
والدولة ممكن تقتل الإنسانْ ...
وتحوله حيوانْ ...
وتبيع كمان مستقبل الأوطانْ ...
الدولة ممكن تفرض العيبة على الناس اللي بتحاول تعيش مستورة في بيتها ...
والدولة ممكن تقتل الطيبة اللي مزروعه في تربتها ...
يا دولة جبارة علينا تملي تفرض مجدها ...
مش لاقية حد يلمها ويردها ...
مع إن محناش قدها ...
لا حنرضى يوم نبقى عبيد عند اللي شغال عندها ...
ولا نرضى حد من الطمع للمهلكة يشد البشر ويشدها ...!
ولا نرضى حد يهِدَّهَا ...!
يا دولة مجبولة على ميلها ...
متفككة م السرقة صواميلها ...
واللعب من راسها ومن ديلها ...
طول عمرنا راضيين بقليلها ...
وتذلنا وان تشتكي نشيلها ...
أحلف بأولادها اللي ناكراهم ومووايلها ...
بالرغم من كل اللي فيها وكل عمايلها ...
الثورة راح تعدل وتعدلها ...
* * *
آخر كلامي أوعى تسألني دي دولة مينْ؟
القصة واضحة ...
والدولة دولة مرجلة، أو لابسة طرحةْ ...!
آخر كلامي أوعى تسألني بتقصد مينْ؟
دولة عدوة نفسها وخيبتها فاضحةْ ...
دولة غبية وعاملة ناصحةْ ...
آخر كلامي مش مهم الدولة مين ...
الدولة عارفة نفسها إكمنها على راسها بطحةْ ...!

فيديو القصيدة :
http://www.youtube.com/watch?v=X7RyjyBxzic

الخميس، 8 أغسطس 2013

"رابعة العدوية" الزاهدة المتصوفة.. عاشقة الحب الإلهي

"رابعة العدوية" الزاهدة المتصوفة.. عاشقة الحب الإلهي


الثلاثاء 06.08.2013 - 05:54 م
رابعة العدويةرابعة العدوية
كتب احمد عبدالقادر
"رابعة العدوية" وتكنى بأم الخير، عابدة وصوفية تاريخية وإحدى الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، وتعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي وهو مذهب العشق الإلهي.

وهي رابعة بنت إسماعيل العدوي، ولدت في مدينة البصرة، ويرجح مولدها حوالي عام (100هجرية و717ميلادية)، من أب عابد فقير، وهي ابنته الرابعة وهذا يفسر سبب تسميتها رابعة فهي البنت "الرابعة".

وتوفي والدها وهي طفلة دون العاشرة ولم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة وأخواتها أنفسهن بلا عائل يُعينهن علي الفقر والجوع والهزال، فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسباب العيش لهن سوى قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد أنهار البصرة كما ذكر المؤرخ الصوفي فريد الدين عطار في (تذكرة الأولياء).

كانت رابعة تخرج لتعمل مكان أبيها ثم تعود بعد عناء تهون عن نفسها بالغناء وبذلك أطلق الشقاء عليها وحرمت من الحنان والعطف الأبوي، وبعد وفاة والديها غادرت رابعة مع أخواتها البيت بعد أن دب البصرة جفاف وقحط أو وباء وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها وبين أخواتها، وبذلك أصبحت رابعة وحيدة مشردة، وأدت المجاعة إلى انتشار اللصوص وقُطَّاع الطرق، فخطفت رابعة من قبل أحد اللصوص وباعها بستة دراهم لأحد التجار القساة من آل عتيق البصرية، وأذاقها التاجر سوء العذاب، ولم تتفق آراء الباحثين على تحديد هوية رابعة فالبعض يرون أن آل عتيق هم بني عدوة ولذا تسمى العدوية.

شخصية رابعة العدوية
اختلف الكثيرون في تصوير حياة وشخصية العابدة رابعة العدوية فقد صورتها السينما في فيلم سينمائي مصري والذي قامت ببطولته الممثلة نبيلة عبيد والممثل فريد شوقي في الجزء الأول من حياتها كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر والشهوات قبل أن تتجه إلى طاعة الله وعبادته، في حين يقول البعض أن هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة في بداية حياتها، فقد نشأت في بيئة إسلامية صالحة وحفظت القرآن الكريم وتدبَّرت آياته وقرأت الحديث وتدارسته وحافظت على الصلاة وهي في عمر الزهور، وعاشت طوال حياتها عذراء بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخطبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبُّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج والولد.

ويفند الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في كتابه شهيدة العشق الإلهي أسباب اختلافه مع الصورة التي صورتها السينما لرابعة بدلالات كثيرة منها الوراثة والبيئة، بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي. وكان جيران أبيها يطلقون عليه "العابد"، وما كان من الممكن وهذه تنشئة رابعة أن يفلت زمامها، كما أنها رفضت الزواج بشدة.

رسالة رابعة لكل إنسان كانت: أن نحب من أحبنا أولاً وهو الله.

ورابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، كما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده.

شعر رابعة العدوية
تمتعت رابعة بموهبة الشعر وتأججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عما يختلج بها من وجد وعشق لله، وتقدم ذلك الشعر كرسالة لمن حولها ليحبوا ذلك المحبوب العظيم. ومن أشعارها في إحدى قصائدها التي تصف حب الخالق تقول:
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك
وكــنت أناجيـــك يـــا من تــرى خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك
أحبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى وحــبــــا لأنـــك أهـــل لـــذاك
فــأما الــذي هــو حب الهــــوى فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواك
وأمـــا الـــذي أنــت أهــل لــــه فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى أراك
فـلا الحـمد فـي ذا ولا ذاك لـــي ولـكـن لك الـحـمـد فـي ذا وذاك
أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى وحــبــــا لأنــــك أهـــل لـــذاك
وأشتـاق شوقيـن.. شوق النـوى وشـوق لقرب الخلـي من حمـاك
فأمـا الــذي هــو شــوق النــوى فمسـري الدمــوع لطــول نـواك
أمــا اشتيـــاق لقـــرب الحمـــى فنــار حيـــاة خبت فــي ضيــاك
ولست على الشجو أشكو الهوى رضيت بما شئت لـي فـي هداكـا

ومن أشعارها نقتبس ايضا
يا سروري ومنيتي وعمـادي وأنـيـسـي وعـدتـي ومــرادي.
أنت روح الفؤاد أنت رجائـي أنت لي مؤنس وشوقك زادي.
أنت لولاك يا حياتي وأنســي مـا تـشـتت في فـسـيـح البـلاد.
كم بدت منةٌ، وكم لك عنــدي مـن عـطـاء ونـعـمـة وأيـادي.
حبـك الآن بغيتـي ونعـيـمــي وجـلاء لعيـن قلبــي الصـادي.
إن تكـن راضيـاً عنـي فإننــي يا منـى القلب قد بـدا إسعـادي.
وهناك من يرى أن ما ورد من شعرها في العشق ليس صحيحا فهي أبيات من قصيدة أبي فراس الحمداني في الأسر، وهو وارد في كل طبعات ديوانه.

من أقوالها
محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه.
اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم.
إني لأرى الدنيا بترابيعها في قلوبكم، إنكم نظرتم إلى قرب الأشياء في قلوبكم فتكلمتم فيه.

وفاتها
توفيت رابعة وهي في الثمانين من عمرها سنة 180 هـ.

تقول دائرة المعارف الإسلامية في الجزء11 من المجلد التاسع: " رابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، كما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده.

وفى الجزء الثانى من كتاب د. يوسف القرضاوى : "من هدى الإسلام- فتاوى معاصرة" سؤال عن رابعة العدوية: هل هى شخصية حقيقية أم هل هى من اختراع الصوفية؟

وهذا هو السؤال:
"سمعت أحد الخطباء المعروفين يحمل على السيدة رابعة العدوية الزاهدة الصالحة المشهورة ويقول إنها أسطورة اخترعتها الصوفية لينسبوا إليها ما لا يُقْبَل ولا يُعْقَل من الأقوال والأشعار مثل قولها فى مناجاة الله تعالى:

فليتك تحـــــلو، والحيــــاة مـــــريــــرة وليتك ترضى، والأنام غضـــابُ
وليت الذى بينى وبينك عــــــــامرٌ وبينى وبين العـــــالمين خــــــــرابُ

وقولها:

كلـــهـــــم يعبــــدوك من خـــوف نارٍ
أو لأن يدخلــــوا الجِنَـــــان فيَحْظَوْا
ليس لى فى الجنــــان والنـــار حظ
*
فـــــأمـــّـا الذى هــــو حب الهــــوى
وأمــــــا الـــــذى أنت أهــــــــل لـــــه
ومـــــــــا الحــمد فى ذا ولا ذاك لى


* ويــَــرَوْنَ النجاة حظــــا جـــــزيلا
بنعيمٍ و يشـــــربـــوا ســـلسبيــــلا
أنـــــا لا أبــتــــغى بحبِّــــى بــــديلا

* فشُغْـِــــلى بذِكْــــرِكَ عمــا سواكَ
فكَشْفُك لِى الحُجْبَ حتى أراكَ
ولكــــنْ لك الحمـد فى ذا وذاكَ

وأطال الخطيب فى إنكار هذه الأشعار وماتضمنته من كفر وضلال حسب قوله. فهل ما ذكر هذا الخطيب صحيحٌ ومُسَلَّم، ولا وجود لهذه المرأة الصالحة؟ وهل هذه الأشعار تتضمن ضلالا و كفرا حقا؟

نرجو بيان رأيكم الذى عرفنا فيه الاعتدال، مبينا الأدلة من القرآن والسنة".

فأجاب الدكتور بكلام كثير تناول فيه أشياء متعددة سوف نكتفى منها بما يهمنا هنا مع بعض التصرف، وهو أن الخطيب المذكور، إن صح ماذكره السائل عنه، أخطأ خطأين كبيرين: أنه اتخذ مجرد الجحود و الإنكار سلاحا فى نفى الوقائع التاريخية، وهذا أمر مرفوض فى منطق العلم، وإلا لقال من شاء ما شاء.

ولكن يُقْبَل منه ومن مثله فى هذا المقام أن يقول إنه رجع إلى كتب التاريخ وكتب التراجم والطبقات التى عُنِيَتْ بالأعلام عامة، وبالزُّهّاد والعُبّاد خاصة، فلم يجد ذكرا لهذه العابدة الصالحة التى اخترعوها وسَمَّوْها: رابعة العدوية.

بل يوجد من ثقات المؤرخين من أنكر وجودها وعاب على الصوفية ذكر أخبارها فى كتبهم. لكن الخطيب لم يقل هذا، ولايستطيع أن يقوله لأن الحقائق العلمية تكذبه، والوقائع التاريخية تصدمه.

فكتب التاريخ والتراجم تثبت وجود رابعة العدوية وتترجم لها وتذكر بعض أقوالها وأعمالها وأشعارها، فضلا عن كتب الصوفية أنفسهم: ترجم لها أبو نعيم فى "حلية الأولياء"، وابن الجوزى فى "صفة الصفوة".

وابن خلكان فى "وَفَيَات الأعيان"، والذهبى فى "سِيَر أعلام النبلاء"، وابن كثير فى "البداية والنهاية"، وابن العماد فى "شَذَرات الذهب"، وصاحبة "الدُّرّ المنثور فى طبقات ربات الخدور"، والزِّرِكْلى فى"الأعلام". كما ذكرها القُشَيْرى فى "الرسالة".

وأبو طالب المكى فى "قوت القلوب"، والغزالى فى "الإحياء"، والسهروردى فى "عوارف المعارف"، والشعرانى فى "طبقاته"، وغيرهم. و ذكر ابن الجوزى فى "صفة الصفوة" أنه أفرد لها كتابا جمع فيه كلامها وأخبارها.

والخطأ الثانى أن الخطيب عالج الموضوع الذى يريد معالجة تعتمد على الإثارة والتهييج لا على التنوير والتحقيق. والإثارة قد تعجب بعض سامعيه المعجبين به والذين تستهويهم الجرأة فى النقد أو النقض والهجوم والخروج على المسلَّمات عند الناس.

ولكنها لا تعجب خاصةَ المثقفين و المستنيرين ممن يزنون الأمور بعقولهم ولا يأخذون كل مايقال قضيةً مسلَّمة. وقد كان حَسْبُ الخطيب هنا طريقين لا يملك ذو علم أو فكر أن ينكرهما أو أحدهما عليه: الطريق الأول التحقيق فيما يُنْسَب إلى رابعة العدوية أو غيرها من أقوال ومواقف، فليس كل ما نُسِب اليها صحيحا موثقا، بل قد يكون مقطوعا بنفيه عنها. من ذلك أنهم نسبوا اليها هذه الأبيات المشهورة تناجى بها ربها سبحانه:

فليتك تحـــــلو، والحيـــــاةُ مـــــريـــرةٌ
وليت الذى بينى و بينك عــــــامرٌ
وبينى وبين العـــــالمين خــــــــرابُ
إذا صـــــح منك الــــوُدُّ فالكُلُّ هينٌ وليتك ترضى، والأنام غِضَـــابُ
وكل الذى فوق الــــتراب تــــرابُ

و الأبيات ليست لرابعة بل البيتان الأول و الثانى من شعر أبى فراس الـحَمْدانى فى خطاب ابن عمه الأمير المشهور سيف الدولة، وهما مذكوران فى ديوانه من قصيدة مطلعها:
أَمَـــــا لجميـــــلٍ عنـــــدكـــــنّ ثــوابُ
لقد ضَلَّ من تَحْوِى هــواه خـــريدةٌ ولا لمسئٍ عنــــدكـــــن متـــابُ؟
وقد ذَلَّ من تَقْضىِ عليه كَعَابُ

وأبو فراس كان فى القرن الرابع الهجرى، ورابعة فى القرن الثانى. أما البيت الأخير فهو من قصيدة المتنبى فى مدح كافور، وفيه "المال" مكان "الكُلّ". وكل مافى الأمر أن الصالحين وجدوا أن هذا الشعر لا يجوز أن يخاطَب به إلا الله جل جلاله فنسبوا الخطاب فيه لمن هو أهله.

ولا أدرى من نسب الشعر إلى رابعة، خاصة ولم أقرأ هذا فى كتاب معتبر، وإن كان مشهورا على الألسنة، وليس كل مشهور على الألسنة حجة. وكذلك ماينسب اليها من الشعر الذى تقول فى آخره:
ليس لى فى الجِنَـان و النــــار حَظٌّ أنـــــــا لا أبتغـــى بحبـــى بديــــــلا
لا أدرى مدى صحة نسبته إليها".

ثم مضى الدكتور القرضاوى فأورد بعض ما ينسب إليها من أقوال وأشعار ومواقف ممحصا له ليرى أهو حقيقى تاريخى أم لا، ومدليا برأى الإسلام فيما يُتَصَوَّر صدوره عنها. وما يهمنا من هذا كله هو أن هناك من يشكك فى وجود هذه العابدة الزاهدة بناء على ما ينسب إليها من شعر وتصرفات لا يقتنع بها عقله.

والواقع أن هناك أشياء كثيرة تنسب إلى رابعة لا يمكن أن تكون صحيحة، وبخاصة أن أقرب من ترجموا لها، وهو الجاحظ الذى عاش فى القرن التالى لقرن وفاتها، لم يذكر عنها إلا أنها كانت من النساء الناسكات الزاهدات من أهل البيان، وذلك فى "البيان والتبيين" و"الحيوان" و"المحاسن والأضداد".

ثم أورد عنها فى الكتاب الأول الحكايتين التاليتين: "قيل لرابعة القيسيّة: لو كلّمتِ رجالَ عشيرتِك فاشتَرَوْا لكِ خادما تكفيك مهنةَ بيتِك؟ قالت: واللَّه إني لأستحي أن أسأل الدُّنيا مَن يملك الدنيا، فكيف أسألها من لا يملكُها؟".

"وقيل لرابعة القيسية: هل عملتِ عملا قطُّ تَرَيْنَ أنَّه يُقْبَلُ منك؟ قالت: إنْ كان شيءٌ فخوفي من أن يُرَدَّ عليَّ"، وهذا كل ما هنالك.

وهو ما يدفع إلى التساؤل:

إذا كان الجاحظ المستقصِى، وهو أقرب من كتبوا عنها إلى عصرها، لم يزد فى الكتابة عنها على هذه السطور القلائل، فضلا عن أن أحدا آخر من كتاب عصره أو من العصر الذى يليه لم يكتب شيئا فى هذا الموضوع، فمن أين أتى من جاؤوا بعده بهذا الذى يُعْزَى إليها من أشعار وأنثار ومواقف وحكايات؟ ومن نقله إليهم يا ترى؟

يمكن أن يقال إن بعض هذا المنسوب إليها قد يكون صحيحا، إذ لعله كان موجودا فى كتب مبكرة ضاعت فلم تصل إلينا أو لعله استمر يُتَنَاقَل شفويا حتى سجله بعض من أتى بعد الجاحظ. ولا أريد أن أجادل فى هذا رغم غرابته.

إذ من المستبعد جدا أن تكون رابعة بهذه الأهمية التى تُظْهِرها بها تلك الكتابات المتأخرة ثم لا يهتم بها أحد من القرنين التاليين لها اهتماما يُذْكَر، بل أنا الذى طرحته رغبة فى حل لتلك المشكلة.

لكننى فى ذات الوقت لا أستطيع أن أقبل ما يمتلئ من تلك الأخبار بالمبالغة التى لا يقبلها العقل أو التى تتعارض مع ما نعرفه من الطبيعة البشرية، مع أخذنا فى الاعتبار أن هناك دائما استثناءات من الطابع الشائع لهذه الطبيعة، إلا أن هناك دائما سقفا لا يمكن أن ترتفع فوقه تلك الطبيعة.

وأرجو أن يتنبه القارئ إلى أن الاختلاف فى سنة وفاة رابعة يبلغ خمسين عاما، إذ يقول بعض إنها ماتت سنة 135هـ، وبعض آخر سنة 185هـ. فإذا كان الشك فى تاريخ وفاتها يبلغ هذا المدى، فما بالنا بأخبارها وأقاويلها وأشعارها، التى لم تسجل إلا بعد تلك الوفاة بزمنٍ جِدِّ طويل؟

وقد وجدتُ د. عبد الرحمن بدوى لا يطمئن إلى شىء يتصل برابعة العدوية على ما سوف يأتى بيانه لاحقا فى هذا الفصل. كما رأيت كاتب مادة "رابعة العدوية" فى "دائرة المعارف الإسلامية" يبدى تشككا كبيرا فى أخبارتلك العابدة، بل يكاد يشك فى كل شىء يتعلق بتلك الأخبار.

وهذه عبارته فى أصلها الإنجليزى تشهد على ذلك: "One cannot go so far as to throw into doubt her historical existence, but the traditions about her life and teachings include a very large proportion of legend which today can hardly be distinguished from in mind, one may nevertheless be permitted to present a portrait of the saint as it was conceived by her coreligionists over the course of the centuries".

والآن إلى بعض ما كتبه المؤلفون فى ترجمة رابعة العدوية حتى نعرف ماذا قيل عنها، وإلى أى مدى يمكن الاطمئنان إليه: ففى "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" لأبى حاتم السجستانى (ت354هـ):

"أنبأنا علي بن سعيد حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا سهل بن عاصم حدثنا نافع بن خالد قال: دخلنا على رابعة العدوية فذكرْنا أسباب الرزق، فخضنا فيه وهي ساكتة. فلما فرغنا قالت رابعة: خيبةً لمن يدعي حُبّه ثم يتهمه في رزقه".

وفى "التعرف لمذهب أهل التصوف" للكلاباذى (ت380هـ): "دخل جماعة على رابعة يعودونها من شكوى، فقالوا: ما حَالُكِ؟ قالت: والله ما عرفتُ لعلتى سببا. عُرِضَتْ علىَّ الجنة، فملت بقلبى إليها، فأحسب أن مولاى غار علىَّ فعاتبنى. فله العُتْبَى".

وفى "أسرار التوحيد" للمنور (ت600هـ): "قال أبو سعيد الخير إنه سمع من أبى علىٍّ الفقيه أن رابعة سئلت كيف بلغتْ هذه المرتبة فى الحياة الروحية. فأجابت: بقولى دائما: اللهم إنى أعوذ بك عن كل ما يشغلنى عنك، ومن كل حائل يحول بينى وبينك".

وفى "الحلية" لأبى نعيم الأصفهانى: "قال أبو عبد الله بن عمرو، قال: نظرت رابعة إلى رياح (ت195هـ)، وهو يقبّل صبيا من أهله ويضمه إليه.

فقالت: أتحبه؟ قال: نعم. قالت: ما كنتُ أحسب أن فى قلبك موضعا لغيره، تبارك اسمه. قال: فسقط رياح مغشيا عليه، ثم أفاق وهو يمسح العرق من عند وجهه وهو يقول: رحمة من الله تعالى ذِكْرُه ألقاها فى قلوب العباد للأطفال".

وعن "عين القضاة" للهمذانى أنه "خطبها عبد الواحد بن زيد مع علوّ شأنه، فهجرته أياما حتى شفع إليها إخوانه. فلما دخل عليها قالت له: يا شهوانى، اطلب شهوانية مثلك!". وعن "الشذرات" لابن العماد أنها كانت تقول لربها: "وعزتك ما عبدتُك رغبةً فى جنتك، بل لمحبتك. وليس هذا ما قطعت عمرى فى السلوك إليه".

وفى "إتحاف السادة المتقين فى شرح إحياء علوم الدين" للزبيدى: "قال سفيان الثورى رحمه الله تعالى لرابعة ابنة إسماعيل العدوية البصرية العابدة رحمهاالله تعالى، وكانت إحدى المحبين، ماتت سنة 135، وكان الثورى يقعد بين يديها ويقول: عَلِّمينا مما أفادك الله من طرائف الحكمة. وكانت تقول له: نِعْمَ الرجل أنت لولا أنك تحب الدنيا!

وقد كان الثورى زاهدا عالما، إلا أنها كانت تجعل إيثار كتب الحديث والإقبال على الناس من أبواب الدنيا. وقال لها الثورى يوما: لكل عقدٍ شريطة، ولكل إيمان حقيقة، وما حقيقة إيمانك؟

قالت: ما عبدتُه خوفا من ناره ولا حبا لجنته، فأكون كأجير السوء: إن خاف عَمِل، أو إذا أُعْطِىَ عَمِل، بل عبدتُه حبا له وشوقا إليه.

وروى عنها حماد بن زيد أنها قالت: إنى لأستحيى أن أسأل الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها؟ فكان هذا جوابا لأنه قال: سلينى حاجتك. وخطبها عبد الواحد بن زيد، فحجبته أياما حتى سئلت أن يدخل عليها، فقالت له: يا شهوانى، اطلب شهوانية مثلك! أىَّ شىء رأيت فىَّ من آلة الشهوة؟

وخطبها محمد بن سلميان الهاشمى أمير البصرة على مائة ألف، وقال: لى غَلّةُ عشرةِ آلافٍ فى كل شهرٍ أحملها إليك. فكتبت إليه: ما يَسُرّنى أنك لى عبد وأن كل مالك لى وأنك شغلتنى عن الله طرفة عين. وقد قالت فى المحبة أبياتا (نظما) تحتاج إلى شرحٍ حَمَلها عنها أهل البصرة وغيرهم، منهم سفيان الثورى وجعفر بن سليمان الضُّبعى وعبد الواحد بن زيد وحماد ين زيد، وهذه هى:

أُحِبّكَ حبين: حــــــــــبَّ الهـــــــوى
فــــأمــــا الذي هــــو حُبُّ الهـــــوى
وأمــا الــــــــــــذي أنت أهــــــل لــــه
فـــــــــلا الحمـــــد في ذا ولا ذاك لي وحُـــبًّا لأنـــك أهــــــــل لــــــــذاكـا

فشُغْلِي بذكرك عمـن ســــواكــــــا
فكَشْفُك لِي الحُجْبَ حتى أراكـا
ولكنْ لك الحمــــــــــد في ذا وذاكا

وقد تكلم صاحب "القوت" على هذه الأبيات بكلام ساطع الأنوار يَعْرِفه من رُزِقَه، ويُنْكِره من حُرِمَه. والمصنف رحمه الله أشار إلى زُبْدَة كلامه. فلنورد كلامه أولا ثم كلام صاحب "القوت".

قال المصنف: ‘ولعلها أرادت بحب الهوى: حب الله لإحسانه إليها وإنعامه عليها بحظوظ العاجلة، وبحبه لما هو أهل له: الحب لجماله وجلاله الذي انكشف لها، وهو أعلى الحبين وأقواهما’.

وأما صاحب "القوت" فقال: ‘فأما قولها: "حبّ الهوى" وقولها: "حب أنت أهل له" وتفريقها بين الحبين فإنّه يحتاج إلى تفصيل حتى يقف عليه من لا يعرفه، ويَخْبُره من لم يشهده، وفي تسميته ونعت وصفه إنكار من ذوي العقول ممن لا ذوق له ولا قدم فيه، ولكنّا نحمل ذلك وندّل عليه من عرفه. يعني "حب الهوى":

إني رأيتك فأحببتك عن مشاهدة عين اليقين، لا عن خبرٍ وسَمْعِ تصديقٍ من طريق النعم والإحسان، فتختلف محبتي إذا تغيرت الأفعال لاختلاف ذلك عليّ، ولكن محبتي من طريق العيان، فقَرُبْتُ منك وهربت إليك واشتغلت بك وانقطعت عمّن سواك.

وقد كانت لي قبل ذلك أهواء متفرقة، فلما رأيتك اجتمعت كلّها فصرتَ أنت كلية القلب وجملة المحبة، فأنسيتَني ما سواك. ثم إني مع ذلك لا أستحق على هذا الحب، ولا أستأهل أن أنظر إليك في الآخرة على الكشف والعيان في محل الرضوان، لأن حبي لك لا يوجب عليك جزاء عليه، بل يوجب عليَّ كل شيء لك مني مما لا أطيقه ولا أقوم بحقك فيه أبدا.

إذ كنتُ قد أحببتك فلزمني خوف التقصير، ووجب عليَّ الحياء من قلة الوفاء، فتفضلتَ عليَّ بفضل كرمك، وما أنت له أهل من تفضلك، فأريتني وجهك عندك آخرا كما أريتنيه اليوم عندي أولاً.

فلك الحمد على ما تفضلت به في ذا عندي في الدنيا، ولك الحمد على ما تفضلت به في ذاك عندك في الآخرة، ولا حمد لي في ذا ههنا ولا حمد لي في ذاك هناك، إذ كنتُ وصلتُ إليهما بك. فأنت المحمود فيهما لأنك وصلتني بهما. فهذا الذي فسّرناه هو وجد المحبين المحققين. وقد كانت تَذْكُر الأنس في وجدها، وترتفع إلى وصف معنًى من الخُلَّة فى قولها السائر:

إني جعلتك في الــــــفؤاد محــــــدِّثي
فالجســـــــم مني للجـــــليس مؤانسٌ وأبحتُ جسمى من أراد جلوسي
وحبيب قـــــــلبي في الفؤاد أنيسـي

ومن قولها النادر في مقام الخُلّة:

وتخلَّلْتَ مســــــلك الـــــــــــروح مني
فإذا مـــــا نطقتُ كنتَ حـــــــديثي وبــــه سُمِّيَ الخــــــليـــل: خـــليــــلا
وإذا مــــا سكـتُّ كنتَ الغـــليــــلا

وقد أهَّل ذلك لها كل ما نقله عنها العلماء ووصفوها به، فوَصَفْنا من نعت المحبين بعض ما يصلح من معنى كلامها لأنا ظننّا بقولها ذلك أَنْ كان لها في المحبة قدم. ولا يسعنا أن نشرح في كتابٍ كشف حقيقة ما أجملناه ولا أن نفصّل وصف ما ذكرناه.

ومَنْ لم يكن من المحبين كذلك حتى لا يُدِلّ بمحبته ولا يقتضي الجزاء عليها من محبوبه ولا يوجب على حبيبه شيئًا لأجل محبته فهو مخدوع بالمحبة ومحجوب بالنظر إليها.

وإنما ذاك مقام الرجاء، الذي ضده الخوف، وليس من المحبة في شيء. ولا تصح المحبة إلاّ بخوف المقت في المحبة. وقال بعض العارفين: ماعرفه من ظن أنه عرفه، ولا أحبّه من توهمّ أنه أحبه’...".

وفي "شرح الزبيدي": "وقالت أم الخير رابعة بنت إسماعيل العدوية البصرية، قُدِّس سِرّها، المتوفاة سنة 135، يوما: من يدلنا على حبيبنا؟ فقالت خادمة لها: حبيبنا معنا، ولكن الدنيا قطعتنا عنه. اعلم أن رابعة، قُدِّس سِرُّها، كانت رأسا في المعرفة والمحبة كما هو مشهور من حالها، ولا يخفى عليها مقام المعيّة.

وإنما قالت ما قالت وهي في مقام الاستغراق الذى هو من نتائج المحبة وغلب عليها الشوق على المشاهدة. والمحب في مقام القُرْب قد يتطلب من يأخذ بيده ويتعلق بالأذيال، فنبهتها الخادمة على أن الوصول إلى مقام المشاهدة لا يكون إلا بعد المفارقة من هذا العالم، فتمتنع عليه القواطع.

فما أدق نظرها رحمها الله!...

وقيل لرابعة قُدِّس سرها: كيف حُبُّك للرسول صلى الله عليه وسلم؟ فقالت:

والله إني لأحبه حبا شديدا، ولكن حب الخالق شغلني عن حب المخلوقين. وحُكِيَ عن أبي سعيد الخراز، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله، اعذرنى، فإن محبة الله شغلتني عن محبتك. فقال: يا مبارك، من أحب الله فقد أحبني".

وفى "الرسالة القشيرية": "سئلت رابعة: متى يكون العبد راضيا؟ فقالت: إذا سَرّته المصيبة كما سَرّته النعمة... وقال رجل لرابعة: إني قد أكثرت من الذنوب والمعاصي، فلو تُبْتُ هل يتوب عليَّ؟ فقالت: لا، بل لو تاب عليك لتبتَ".

وفى "طبقات الأولياء" لعبد الرؤوف المناوى "أن لصا دخل حجرتها وهي نائمة، فحمل الثياب وطلب الباب فلم يجده، فوضعها فوجده، فحملها فخَفِيَ عليه. فأعاد ذلك مرارا، فهتف به هاتف: دع الثياب، فإنا نحفظها ولا ندعها لك، وإن كانت نائمة.

قال البوني: وهذا تحقيق التمكين بقوله تعالى: ‘له مُعَقِّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه...’. وخاطت بعضَ قميصها في ضوء مشعلة سلطانية ففقدت قلبها زمانا حتى تذكرتْ، فمزقت القميص، فعاد قلبها. وسُئِلَتْ: متى يكون العبد راضيا؟ فقالت: إذا سرته المصيبة كما سرته النعمة.

وكانت شديدة الخوف جدا، فإذا سمعتْ ذِكْر النار أُغْمِيَ عليها. وكانت تقول: لو كانت الدنيا لرجل ماكان بها غنيا. قيل: كيف؟ قالت: لأنها تفنى.

قالوا: مكثتْ أربعين سنة لا ترفع رأسها حياءً من الله. وكانت تقول: ما سمعت الأذان إلا ذكرتُ منادي يوم القيامة، وما رأيت الثلج إلا ذكرتُ تطاير الصحف، وما رأيت الجراد إلا ذكرتُ الحشْر".

وفى "مصارع العشاق" للسَّرّاج القارى (من أهل القرن الخامس الهجرى) نقرأ ما يلى: "أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي بقراءتي عليه قال: أخبرنا محمد بن عبد الله القطيعي قال: حدثنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثنا محمد هو ابن الحسين قال: حدثني عصام بن عثمان الحلبي قال: حدثني مسمع بن عاصم قال: قالت لي رابعة العدوية:

اعتللتُ علةً قطعتْني عن التهجد وقيام الليل، فمكثت أياما أقرأ جزئي إذا ارتفع النهار لما يُذْكَر فيه أنه يعدل قيام الليل. قالت: ثم رزقني الله عز وجل العافية، فاعتادتني فترة في عقب العلة، وكنت قد سكنتُ إلى قراءة جزئي بالنهار، فانقطع عني قيام الليل.

قالت: فبينا أنا ذات ليلة راقدة أُرِيتُ في منامي كأني رُفِعْتُ إلى روضة خضراء ذات قصورٍ ونبت حسن، فبينا أنا أجول فيها أتعجب من حسنها إذا أنا بطائر أخضر، وجارية تطارده كأنها تريد أخذه. قالت: فشغلني حسنها عن حسنه، فقلت: ما تريدين منه؟ دعيه، فوالله ما رأيت طائرا قط أحسن منه. قالت: بلى.

ثم أخذتْ بيدي فأدارت بي في تلك الروضة حتى انتهت بي إلى باب قصر فيها، فاستفتحتْ، ففُتِح لها، ثم قالت: افتحوا لي بيت المِقَة.

قالت: ففُتِح لها بابٌ شاع منه شعاع استنار من ضوء نوره ما بين يدي وما خلفي، وقالت لي: ادخلي. فدخلت إلى بيت يحار فيه البصر تلألؤا وحسنا ما أعرف له في الدنيا شبيها أشبّهه به.

فبينا نحن نجول فيه إذ رُفِع لنا باب يُنْفَذ منه إلى بستان، فأهوت نحوه وأنا معها، فتلقانا فيه وُصَفاء كأن وجوههم اللؤلؤ، بأيديهم المجامر، فقالت لهم: أين تريدون؟ قالوا: نريد فلانا قُتِل في البحر شهيدا. قالت: أفلا تجمّرون هذه المرأة؟ قالوا: قد كان لها في ذلك حظ فتركتْه. قالت: فأرسلتْ يدها من يدي.

ثم أقبلتْ علي فقالت:

صَــــلاتُكِ نورٌ، والــعِبـــادُ رُقـــــــودُ
وعُمْـــرُكِ غُنْم إن عقلــــتِ ومهلـــةٌ ونوْمـــــك ضِــــدٌّ للصّــلاة عنيــــــدُ
يســــيرُ ويفنــــى دائمــــــا ويبيـــــــدُ

ثم غابت من بين عيني، واستيقظتُ حين تبدى الفجر، فوالله ما ذكرتها فتوهمتها إلا طاش عقلي، وأنكرتُ نفسي. قال: ثم سقطت رابعة مغشيًّا عليها".

ويقول الزمخشرى (من أهل القرنين: 5- 6هـ) فى "ربيع الأبرار ونصوص الأخبار": "اجتمعتْ عند رابعة عِدّةٌ من الفقهاء والزهاد، فذموا الدنيا، وهي ساكتة. فلما فرغوا قالت لهم: من أحب شيئا أكثر من ذكره: إما بحمد وإما بذم. فإن كانت الدنيا في قلوبكم لاشيء فلم تذكرون لاشيء؟".

وفى ترجمة رابعة العدوية فى كتاب "المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزى (508- 567هـ): "أخبرنا أبو القاسم الحريري، قال: أنبأنا أبو طالب العشاري، قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد المزكي، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن إسحاق السراج.

قال: حدَّثنا حاتم بن الليث الجوهري، قال: حدَّثنا عبد الله بن عيسى، قال: دخلتُ على رابعة العدوية بيتها، فرأيت على وجهها النور، وكانت كثيرة البكاء، فقرأ رجل عندها آيةً ذُكِر فيها النار، فصاحت ثم سقطت.

ودخلتُ عليها وهي جالسة على قطعة بوريّ خَلَقٍ، فتكلم رجل عندها بشيء، فجعلتُ أسمع وقع دموعها على البوريّ مثل الوَكْف، ثم اضطربتْ وصاحتْ، فقمنا وخرجنا.

قال محمد بن عمر: دخلت على رابعة، وكانت عجوزا كبيرة بنت ثمانين سنة، كأنها الشَّنّ، تكاد تسقط، ورأيت في بيتها كراخة بواري، ومشجب قصب فارسي طوله من الأرض قدر ذراعين عليه أكفانها، وستر البيت جلّة، وربما كان بوريًّا، وحُبٌّ وكوز ولِبْدٌ هو فراشها، وهو مصلاها.

وكانت إذا ذكرت الموت انتفضت وأصابتها رعدة، وإذا مرت بقوم عرفوا فيها العبادة. وقال لها رجل: ادعي لي. فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله؟ أطع ربك وادعه، فإنه يجيب دعوة المضطر.

قال مؤلف الكتاب: كانت رابعة محققة فطنة. ومن كلامها الدال على قوة فهمها قولها: أستغفر الله من قلة صدقي في قولي: ‘أستغفر الله’.

وكان سفيان الثوري يقول: مُرُّوا بنا إلى المؤدبة التي لا أجد من أستريح إليه إذا فارقتُها. وقال يوما بين يديها: واحزناه! فقالت: لا تكذب. قل: واقلة حزناه! لو كنتَ محزونا ما هَنَاك العيش. وقيل لها: هل عملت عملا تَرَيْنَ أنه يُقْبَل منك؟ فقالت: إن كان فمخافتي أن يُرَدَّ عَلَيَّ".

وفى "وفيات الأعيان" لابن خلكان (608- 681هـ) أنها "أم الخير رابعة ابنة إسماعيل العدوية البصرية مولاة آل عَتِيكٍ الصالحة المشهورة. كانت من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة.

وذكر أبو القاسم القشيري في "الرسالة" أنها كانت تقول في مناجاتها: إلهي، أتحرق بالنار قلبا يحبك؟ فهتف بها مرة هاتف: ما كنا نفعل هذا، فلا تظني بنا ظنَّ السَّوْء.

وقال يوما عندها سفيان الثوري: واحزناه! فقالت: لا تكذب. بل قل: واقِلَّةَ حزناه! لو كنت محزونا لم يتهيأ لك أن تتنفس. وقال بعضهم: كنت أدعو لرابعة العدوية، فرأيتها في المنام تقول: هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمَّرة بمناديل من نور. وكانت تقول: ما ظهر من أعمالي فلا أعدّه شيئا.

ومن وصاياها: اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم. وقالت لأبيها: يا أبه، لست أجعلك في حِلٍّ من حرامٍ تطعمنيه. فقال لها: أرأيتِ إن لم أجد إلا حراما؟ قالت: نصبر في الدنيا على الجوع خير من أن نصبر في الآخرة على النار.

وكانت إذا جَنَّ عليها الليل قامت إلى سطحٍ لها ثم نادت: إلهي، هدأت الأصوات، وسكنت الحركات، وخلا كل حبيب بحبيبه. وقد خلوت بك أيها المحبوب، فاجعل خلوتي منك في هذه الليلة عتقي من النار.

ولقي سفيان الثوري رابعة، وكانت زَرِيّة الحال، فقال لها: يا أم عمرو، أرى حالاً رَثَّة. فلو أتيتِ جارك فلانا لغيَّر بعض ما أرى. فقالت له: يا سفيان، وما ترى من سوء حالي؟ ألستُ على الإسلام؟ فهو العِزُّ الذي لا ذل معه، والغِنَى الذي لا فقر معه، والأنس الذي لا وحشة معه. والله إني لأستحيي أن أسأل الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها؟

فقال سفيان: ما سمعت مثل هذا الكلام. وقالت رابعة لسفيان: إنما أنت أيام معدودة. فإذا ذهب يومٌ ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم فاعمل.

وكان أبو سليمان الهاشمي له بالبصرة كل يوم غلة ثمانين ألف درهم، فبعث إلى علماء البصرة يستشيرهم في امرأة يتزوجها، فأجمعوا على رابعة العدوية.

فكتب إليها: أما بعد، فإن مُلْكِي من غَلّة الدنيا في كل يوم ثمانون ألف درهم. وليس يمضي إلا قليل حتى أتمها مائة ألف إن شاء الله. وأنا أخطبك نفسك، وقد بذلتُ لك من الصَّداق مائة ألف، وأنا مُصَيِّرٌ إليك مِنْ بَعْدُ أمثالها، فأجيبيني.

فكتبت إليه: ‘أما بعد، فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها تورث الهم والحزن. فإذا أتاك كتابي فهَيِّئْ زادك، وقَدِّمْ لمعادك، وكن وصيَّ نفسك، ولا تجعل وصيتك إلى غيرك، وصُمْ دهرك، واجعل الموت فطرك، فما يسرني أن الله خَوَّلني أضعاف ما خَوَّلك فيشغلني بك عنه طرفة عين. والسلام’.

وقالت امرأة لرابعة: إني أحبك في الله. فقالت لها: أطيعي من أحببتني له. وكانت رابعة تقول: اللهم قد وهبتُ لك مَنْ ظلمني، فاسْتَوْهِبْني ممن ظلمتُه. قال رجل لرابعة: إني أحبك في الله. قالت: فلا تعص الذي أحببتَني له.

إني جعلتك في الــــــفؤاد محــــــدِّثي
فالجســـــــم مني للجـــــليس مؤانسٌ وأبحتُ جسمى مــن أراد جلوسي
وحبيب قــــلبي في الفــــــؤاد أنيسي

وكانت وفاتها في سنة خمس وثلاثين ومائة. ذكره ابن الجوزي في "شذور العقود". وقال غيره: سنة خمس وثمانين ومائة، رحمهما الله تعالى. وقبرها يزار.

وفي كتاب "صفة الصفوة" في ترجمة رابعة المذكورة بإسناد له متصل إلى عبدة بنت أبي شوال قال ابن الجوزي: وكانت من خيار إماء الله تعالى، وكانت تخدم رابعة، قالت: كانت رابعة تصلي الليل كله، فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر.

فكنت أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة: يا نفس، كم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور. وكان هذا دأبها دهرَها حتى ماتت.

ولما حضرتها الوفاة دعتني وقالت: يا عبدة، لا تُؤْذِني بموتي أحدا، وكفنيني في جُبّتي هذه. وهي جُبّة من شعر كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون. قالت: فكفَّنّاها في تلك الجبة، وفي خمار صوف كانت تلبسه.

ثم رأيتها بعد ذلك بسنة أو نحوها في منامي عليها حُلّةُ إستبرقٍ خضراءُ وخمارٌ من سندسٍ أخضر لم أر شيئا قط أحسن منه. فقلت: يا رابعة، ما فعلتِ بالجبة التي كفَّنّاك فيها والخمار الصوف؟

قالت: إنه والله نُزِع عني، وأُبْدِلْتُ به ما تَرَيْنَه علي، فطُوِيَتْ أكفاني وخُتِم عليها، ورُفِعَتْ في عِلِّيّين ليكمل لي بها ثوابها يوم القيامة. فقلت لها: لهذا كنت تعملين أيام الدنيا. فقالت: وما هذا عند ما رأيتُ من كرامة الله عز وجل لأوليائه؟

فقلت لها: فما فعلتْ عبيدة بنت أبي كلاب؟ فقالت: هيهات هيهات! سبقتنا والله إلى الدرجات العلا. فقلت: وبِمَ، وقد كنتِ عند الناس أكبرَ منها؟ قالت: إنها لم تكن تبالي على أي حال أصبحتْ من الدنيا وأمستْ.

فقلت لها: فما فعل أبو مالك؟ أعني ضيغما.

قالت: يزور اللهَ عز وجل متى شاء.

قلت: فما فعل بشر بن منصور؟

قالت: بَخٍ بَخٍ! أُعْطِيَ والله فوق ما كان يؤمِّل.

قلت: فمُرِيني بأمر أتقرب به إلى الله عز وجل.

قالت: عليك بكثرة ذكره. يوشك أن تغتبطي بذلك في قبرك. رحمهما الله تعالى".

ويقول ابن العماد الأقفهسى (680- 867هـ): "قالت رابعة العدوية لصالح المري، وكان يقول كثيرا: ‘مَنْ أدمن قَرْعَ باب يوشك أن يفتح له’، فقالت رابعة: إلى متى تقول؟ من أغلق هذا حتى يستفتح؟ فقال صالح: شيخٌ جَهِل، وامرأةٌ عَلِمَتْ".

وفى "المستطرَف من كل فنٍّ مستظرَف" للأبشيهى: "كانت رابعة العدوية تصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وتقول: والله ما أريد بها ثوابا، ولكن ليَسُرّ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. ويقول للأنبياء عليهم الصلاة والسلام: انظروا إلى امرأةٍ من أُمّتي هذا عَمَلُها في اليوم والليلة".

ولصلاح الدين الصفدى (696- 764هـ) فى ترجمة رابعة العدوية من كتابه: "الوافى بالوفيات": "رابعة بنت اسماعيل أم عمرو العدوية، وقيل: أم الخير، ولاؤها للعَتَكِيّين.

وقد أورد ابن الجوزي أخبارها في جزء وقال: وفي الشاميات رابعة العابدة. وكانت عبدةُ بنت أبي شوال معاصرة لها، وربما تداخلت أخبارهما. ونسبها بعضهم إلى الحلول لإنشادها:

إني جعلتك في الــــــفؤاد محــــــدِّثي
فالجســـــــم مني للجـــــليس مؤانسٌ وأبحتُ جسمى مــن أراد جلوسي
وحبيب قــــلبي في الفــــــؤاد أنيسي

وهو جهل. قال الشيخ شمس الدين: ما أحسب أن أحدا نسبها إلى ذلك إلا حلوليٌّ مباحيٌّ ليُنَفِّق بها زندقته".

وفى كتاب "شاعرات العرب فى الجاهلية والإسلام" لبشير يموت نقرأ أنها "هي أم الخير، رابعة بنت إسماعيل العدوية. امرأة صالحة من أهل البصرة اشتهرت بالعبادة والنسك. توفيت بالقدس 185 هجرية. من شعرها قولها في الذات الإلهية:

إني جعــــــلتكَ في الفؤاد محــــــدِّثي فالجســــم منى للجـــــــليس مؤانسٌ
*
حبيــــبٌ ليـــــس يَعْــــدِلُــــه حبيبُ
حبيبٌ غاب عن بصري وشخصي
*
وزادي قـــــليـــــل ما أراه مُبَــــلـِّـغي
أتحرقني بالنــــار يا غــــــاية المنى؟
*
أحبـُّـــــــكَ حبين،: حُــبَّ الهـــــوى
فأمـــــا الذي هو حــــــب الهــــــوى
وأمــــــــا الـــــذي أنت أهــــــلٌ لـــــه
فـــــلا الحــــمـــــد في ذا ولا ذاك لي

*
*
* وأبحتُ جسمي من أراد جلوسي
وحبيـــبُ قلبي في الفـــــؤاد أنيسي
*
ومــــــا لسواه في قلـــــــبي نصيــــبُ
ولكـــــن عـــــن فــــؤادي ما يغيبُ
*
أللزاد أبكـــي أم لطول مسافــــتي؟
فأين رجــائي فيك؟ أين مخافتي؟
*
وحُبًّـــــــــا لأنك أهــــــلٌ لـِــــــــذاكا
فشُغْلِي بذِكْـــــرك عَــــــــمَّنْ سواكا
فكَشْفُك لي الحُجْـــب حتى أراكا
ولكنْ لك الحمـــــــــد في ذا وذاكـا

وقالت حين خطبها الحسن البصري معتذرة:

راحتي، يا إخــــوتي، في خـــــلـوتي
لم أجـــــــد لي عن هــــــواه عوضـًــا
حيثمـــــا كنت أُشَــــــــاهِدْ حسنه
إنْ أمتْ وجـــــــدا، ومـا ثَمَّ رِضًى
يا طبيب القــلب يحيـــــــــا دائمـــــا
قد هجـــــرتُ الخلـــق جمعًا أرتجي وحبيــــبي دائمــــــا في حـــضــــــرتي
وهــــــــــــــــواه في البـــــــــــرايـا محنتي
فـــــهـو محـــــــــرابي. إليه قِبْـــــــــلتي
وا عنائي في الـورى! وا شِـْـَقوتي!
نشــــأتي منك، وأيضــا نشـــــــوتي
منك وصلاً، فهو أقصــى مُنْيَــــــتي

وللدكتور عبد الرحمن بدوى كتاب عن رابعة قرر فيه أنها أدخلت فى التصوف الإسلامى مفهوم العشق الإلهى، ثم قارن بينها وبين القديسة تيريزا.

قائلا إن تصوفها متأثر بالتصوف النصرانى فى موضوع المحبة الإلهية (انظر كتابه: "شهيدة العشق الإلهى رابعة العدوية"/ ط2/ مكتبة النهضة المصرية/ 1962م/ 10 وما بعدها).

ومن بين ما قاله أيضا أنها قد توغلت فى الإثم وأن هذا هو السبب فى عنفها بعد التوبة ردًّا على ما كانت عليه من عنف شهوانى (ص17، 23). كذلك يقف عند بعض أشعارها فى الحب مؤكدا أن الحب فى بعض تلك النصوص حسى لا روحى (ص23- 26).

ثم يمضى فيفترض أن تكون قد مرت بتجربة عاطفية فاشلة هى السبب فى اتجاهها إلى الله بحبها بوصفه نوعا من التعويض (ص19، 25).

لكن لو كانت هناك مثل تلك التجربة العاطفية الفاشلة أكانت ترفض كل من تقدم لخِطْبَتها معلنة على نحو حاسم أنها ليس لها أى أَرَبٍ فى هذا المجال؟

وبالمثل يُبْعِد د. بدوى يبعد النجعة إذ نراه (ص26- 27) يتكلم عن الخِطْبَة والزواج الروحى بين رابعة وبين الله، مقارنا ذلك بما عند القديسة تيريزا فى الديانة النصرانية.

وهو يورد نصا من كتاب "عقلاء المجانين" لأبى القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابورى جاء فيه أن رابعة قد زارت حيونة إحدى صواحبها، فلما كان جوفُ الليل غلب النومُ رابعةَ، فقامت حيونة وركلتها برجلها قائلة: قُومِى. قد جاء عرس المهتدين يا من زَيَّن عرائسَ الليل بنور التهجد.

ثم يعلق قائلا على هذا النص بأنه "نص على أكبر درجة من الخطورة لأنه يتحدث عن وجود فكرة الزواج من الله والاقتران به لدى الصوفيات المسلمات منذ القرن الثانى الهجرى.

لكن ينبغى أن نتنبه إلى الأمور التالية:

الأول أننا لا ندرى مدى صحة الخبر الذى رواه النيسابورى. بل إن د. بدوى نفسه يكاد يشك فى كل شىء يتصل برابعة حتى إنه ليلحقها بالأساطير (ص6- 7 من كتابه عنها)، فلم التمسك إذن بهذا النص وأمثاله من النصوص التى اعتمد عليها فى استخلاص نظرياته وفروضه عن التصوف الإسلامى فى ذلك العصر؟

والثانى أن هذا النص، إن كان نصا حقيقيا ولم يكن مخترعا ككثير من النصوص التى تتعلق برابعة، يتحدث عن "المهتدين" لا عن "المهتديات". وعلى هذا فإن الكلام فيه على أحسن تقدير ليس عن النساء وحدهن، بل عن الرجال والنساء جميعا.

كما أن حيونة قد أشارت إلى دور رابعة فى هذا العرس، ألا وهو تهجدها، الذى يشع على من حولها نورا كما أشارت. فأين التهجد من الخِطْبة والزواج؟ ثم أى خِطْبة وزواج من الله، وكل من هنالك من الرجال والنساء مُشْتَرِك فى تلك المناسبة، التى لا يعدو التعبير عنها بـ"العرس" أن يكون تعبيرا مجازيا كما هو واضح لكل ذى عينين؟

أنقول إن كل هؤلاء من رجال ونساء سيشتركون فى ذلك الزواج؟ يا له من افتراض سخيف! ثم هل الزواج يتم كل ليلة كما هو واضح فى حديث حيونة؟

كذلك فإن الله عندنا فى الإسلام لا يتجسد ولا ينزل إلى الدنيا فى صورة بشرية كما كانت تيريزا تعتقد، إذ الله لديها هو المسيح، أما رابعة فلا يمكن أن يخطر لها شىء من ذلك على بال، ومن ثم فالزواج منه لا يمكن أن يخطر على بال امرأة أو فتاة مسلمة أبدا.

زد على ذلك أن حيونة لم تذكر رابعة بين العرائس. ثم إنها زادت فجعلت تلك العرائس عرائس الليل لا عرائس الله. من الجلى إذن أن د. بدوى قد دخل دراسته عن رابعة بأفكار مسبقة يريد أن يلفت بها الأنظار بأى طريق، متأثرا فيها بما فى الأديان الأخرى دون الانتباه إلى أن ثمة فروقا حاسمة وجازمة بين الإسلام وتلك الأديان.

إنه يتصور أن رابعة كانت فيلسوفة وجودية! وهى، كما ترى يا قارئى الكريم، فكرة بائسة لا تلائم السياق أبدا بأى حال من الأحوال!

وبالنسبة إلى الأخبار التى تشير إلى أن رابعة لم يكن لها أَرَبٌ فى الرجال، فهو أمر معروف ومُشَاهَد، إذ نرى المرأة من هؤلاء النساء لا تفكر فى الزواج مطلقا، وإذا أخطأت وتزوجت فسرعان ما يتم طلاقها لأنها ليست مهيأة لهذا اللون من الحياة.

والملاحظ على بعض هؤلاء النسوة أنهن يشبهن الرجال فى بعض صفاتهن كالخشونة والصرامة وعدم الاعتناء بأنوثتهن وما يتعلق بها من ملبس أو زينة. وإذا تديَّنَّ أسرفن على أنفسهن ومن حولهن بألوان العبادة تصورا منهن أن الدنيا ليست إلا صلاة وصياما.

وكأن فريد الدين العطار قد تبنه إلى هذا المعنى حين ترجم لها ضمن الرجال فى كتابه: "تذكرة الأولياء" قائلا إن المرأة التى تسلك الطريق إلى الله كما يفعل الرجال لا يمكن أن تسمى: امرأة.

وإذا كان الأمر كذلك فلا يُعْقَل ما افترضه د. عبد الرحمن بدوى فى كتابه عن رابعة العدوية من أنها قد قارفت الآثام فى شبابها قبل أن تستقيم فى طريق التصوف، فضلا عن أن تكون قد أوغلت فيها كما زعم دون أن يكون مستندا فى هذا الزعم إلى أى أساس حسب إقراره هو سوى مجرد الافتراض (انظر كتابه: "شهيدة العشق الإلهى رابعة العدوية/ 17، 23).

إذ أجمع كل من كتبوا عنها أنها كانت مشغولة بالله عن الدنيا، بغض النظر عن موافقتنا لهم فى كل ما كتبوه فى هذا الموضوع أو لا، فهذا شىء آخر. فالمهم أنه لم يقل أحد ممن كتبوا عنها بما قال به د. بدوى أو أشار إليه ولو من طرف خفى على أى نحو من الأنحاء.

ويزيد ما ادعاه عبد الرحمن بدوى بعدا عن الحقيقة ما رُوِىَ عنها من حكايات تؤكد أنها كانت ترفض كل من يتقدم إليها بغية الزواج منها كما رأينا، بغض النظر عن مدى صحتها.

إنما أستشهد بها هنا لأنه لا يوجد ما يناقضها، مما يدل على اشتهار رابعة بالعزوف عن جنس الرجال، وعلى زيف ما افترضه د. بدوى من جهة أخرى من ثَمَّ.

والعجيب أن كاتب مادة "رابعة العدوية" فى النسخة العربية من موسوعة "ويكبيديا" يقول إن عبد الرحمن بدوى قد فَنّد الصورة التى رسمها الفلم المصرى الشهير لرابعة، إذ أكد أنها كانت امرأة صالحة على عكس ما جاء فى ذلك الفلم من أنها مارست الرذيلة وعَبَّتِ الخمرَ عَبًّا قبل أن تتوب عن ذلك.

وهذا كلام الموسوعة نصا: "اختلف الكثيرون في تصوير حياة وشخصية العابدة رابعة العدوية، فقد صورتها السينما في الفيلم السينمائي المصري الذي قامت ببطولته الممثلة نبيلة عبيد والممثل فريد شوقي في الجزء الأول من حياتها كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر والشهوات قبل أن تتجه إلى طاعة الله وعبادته.

في حين يقول البعض إن هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة في بداية حياتها، فقد نشأت في بيئة إسلامية صالحة، وحفظت القرآن الكريم وتدبَّرت آياته، وقرأت الحديث وتدارسته، وحافظت على الصلاة وهي في عمر الزهور، وعاشت طوال حياتها عذراءَ بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخِطْبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج والولد".

ويفنّد الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في كتابه: "شهيدة العشق الإلهي" أسباب اختلافه مع الصورة التي صورتها السينما لرابعة بدلالات كثيرة منها الوراثة والبيئة، بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي. وكان جيران أبيها يطلقون عليه: العابدة. وما كان من الممكن، وهذه تنشئة رابعة، أن يفلت زمامها. كما أنها رفضت الزواج بشدة".

والملاحظ أن فى الحكايات التى تدور حول رابعة مبالغات كثيرة لا يمكن أن يقبلها العقل ولا الدين:

من ذلك مثلا قولهم إن رجلا قرأ عندها آية ذُكِرَتْ فيها النار، فصاحت ثم سقطت، وإن آخر تكلم عندها بشيء فجعلت دموعها تتساقط على الحصير بصوت مسموع كالمطر. ترى هل يقبل هذا الكلام عاقل؟

لقد قرأنا سيرة الرسول وأحاديثه عليه السلام وسير الصحابة الكرام فلم نر منهم مثل هذا. فهل رابعة أكثر منهم خوفا من الله؟ بل هل يمكن أن يقع هذا من إنسان أيا كان؟

إن أقصى ما قاله النبى فى البكاء أن من السبعة الذي يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ولم يقل: رجلا كلما ذُكِر الله أمامه هطلت دموعه وسُمِع لها صوت كصوت المطر. ذلك أنه لو صح هذا لأصيب هؤلاء البكاؤون بالجفاف حتما وهُزِلوا وماتوا.

ومن تلك المبالغات كذلك قولهم إنها كانت تصلي الليل كله، فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر، فتثب من مرقدها وهي فزعة وتقول: يا نفس، كم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور. وكان هذا دأبها دهرَها حتى ماتت.

بالله كيف تستقيم حياة إنسان لا يكاد ينام ليله ولا نهاره؟

ثم هل هذا مما يقبله الله من عباده؟

ترى ما يفعل الله بتعذيبنا أنفسنا على هذا النحو؟

لقد طالبنا سبحانه أن نؤمن به ونشكره سبحانه على نعمه وكرمه، أما أن نذهب فنعذب أنفسنا كل هذا العذاب فهو أمر لم يشرعه الله ولم يأذن به ولا يقبله أصلا، بل هو مما يستحيل علينا فعله، إذ لا بد لكل منا أن يأخذ كفايته من النوم، وإلا انهار وسقط ولم يستطع مواصلة الحياة ذاتها لا العبادة فحسب.

ودعنا من السؤال عمن كان يقوم بأمرها وينفق عليها. إنه إذن لأعبد منها. و هذا طبعا إن كانت تلك الأخبار صحيحة ولم تزيَّف بعد مماتها، وهو ما أتصور أنه قد وقع، مما يُبْعِد عنها التبعة فى هذا ويلقى بها على من زعموا هذه المزاعم التى لا أصل لها من الصحة.

كذلك لا أتصور صحة ما قيل من أن لصا دخل حجرتها وهي نائمة، فحمل الثياب وطلب الباب فلم يجده، فوضعها فوجده، فحملها فخَفِيَ عليه. فأعاد ذلك مرارا، فهتف به هاتف: "دع الثياب، فإنا نحفظها ولا ندعها لك، وإن كانت نائمة".

وهو ما علق عليه البوني بقوله: "وهذا تحقيق التمكين بقوله تعالى: ‘له مُعَقِّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله’"، وأنها خاطت بعض قميصها في ضوء مشعلة سلطانية ففقدت قلبها زمانا حتى تذكرت، فمزقت القميص، فعاد قلبها، وأنها سئلتْ: متى يكون العبد راضيا؟ فقالت: إذا سرته المصيبة كما سرته النعمة.

ذلك أنها كانت تعيش فى كوخ كما يقولون، ولم تكن تملك من متاع الدنيا شيئا طِبْقًا لما يؤكدون. فكيف سولت لِلِّصِ نفسُه أن يذهب إلى كوخ يسربله الفقر سربلةً فيسرق امرأة ليس لها شىء يُسْرَق؟

أما المعجزة العجيبة التى حدثت فهى بطبيعة الحال لا تدخل العقل ولا بالطبل البلدى. إنها حكاية خيالية جميلة، ويمكن أن تُدْرَس بوصفها نصا أدبيا ممتعا. أما أن يقال إنها حكاية حقيقية فدون ذلك خَرْط القَتَاد كما كان العرب القدماء يقولون!

ثم ما معنى أن يُسَرّ الإنسان بمصيبته كما يُسَرّ بما يناله من نعمة؟ إن الإنسان ليس حجرا لا يحس ولا يميز. ولو صار أى إنسان بهذه المنزلة ما كان إنسانا.

فهذا كلام قد يعجب بعض الناس الذين يحبون أن يشنّفوا آذانهم بمثل تلك الأقوال المدوية التى لا طائل وراءها، لكنه لا يدخل عقولنا رغم حبنا لكل مؤمن يرضى بقضاء الله وقدره، وهو أقصى ما يمكن أن يبلغه المؤمن من الرضا بالقضاء والقدر.

أما أن يُسَرّ بالمصائب تقع على أم رأسه كما يُسَرّ بالنعم فهذا ما لا يمكن أن أتخيله مجرد تخيل. إن الأحجار والحديد تأكلهماعوامل التعرية أَكْلاً، فما بالنا بالإنسان؟

أما الكلام المنسوب إليها فى النص التالى من "شرح الزبيدي": "قيل لرابعة قُدِّس سِرُّها: كيف حُبُّك للرسول صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: والله إني لأحبه حبا شديدا، ولكن حب الخالق شغلني عن حب المخلوقين"، وأنه قد حُكِيَ عن أبي سعيد الخراز قوله: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله، اعذرنى، فإن محبة الله شغلتني عن محبتك. فقال: يا مبارك، من أحب الله فقد أحبني".

فهو كلام يناقض بعضه بعضا، إذ كيف يكون الإنسان محبا لشخص حبا شديدا، إلا أن حبه لطرف ثالث قد شغله عنه؟ ثم ألا يرى القارئ بين السطور هنا لونا مقيتا من الغرور.

إذ يريد من يقول هذا أن يشير إلى أنه أكبر من أن ينشغل بحبه صلى الله علييه وسلم لأن لديه حبا أهم منه، فهو من ثم ليس عنده من الوقت ولا من البال ما يوجهه إلى الرسول عليه السلام؟ ترى أهذا مما يليق قوله فى حقه عليه السلام؟

ولو صدقنا هذا الكلام العجيب فالسؤال هو:

كيف ظهر لها النبى فى المنام، وهى غير مشغولة به لا تفكر فيه؟ إننا نعرف أن الأحلام عادةً هى انعكاس لما يشغلنا فى اليقظة.

أما إن قلنا إنها لم تكن مشغولة به صلى الله عليه وسلم، بل هو الذى ساءه أن تتجاهله فظهر لها فى المنام بغية تنبيهها إلى تقصيرها فى حقه فتكون طامة كبرى أن ينزعج الرسول من هذا الأمر، بينما هى لا تبالى به أدنى بالة.

كذلك فإنها، فيما يحكون عنها، قد ذكرت مرة أنها تجتهد فى العبادة وقيام الليل وتفعل المستحيل حتى يمكن الرسول يوم القيامة أن يباهى بها بين الأمم الأخرى. أليس معنى هذا أنها تفكر فيه صلى الله عليه وسلم.

نحن هنا بين أمرين:

أن نظرتها لهذا الأمر غير محكمة، ولهذا نراها تتناقض مع نفسها من موقف إلى آخر، أو أن ذلك التناقض راجع إلى أن مثل تلك الروايات هى روايات مخترعة، فكان كل من أراد أن يقول شيئا يعبر به عن فكره واعتقاده ألّف حكاية ونسبها إلى رابعة فتكون هى المتحدث بلسانه دون أن يتنبه أحد إليه، فينجو من التبعة.

ثم من يا ترى ذلك الذى لا يستطيع أن يفكر طوال الوقت إلا فى الله؟ ألا يجوع؟ ألا يعطش؟ ألا يحتاج إلى دخول الحمام؟ ألا يكتب ويقرأ مثلى مثلا ويبيت يقلب الفكر والرأى ويراجع ما يكتبه ويصححه ويدفع به إلى المطبعة وينتظر ظهوره على أحر من الجمر؟

ألا يفكر فى تدبير أمر بيته وحاجات أفراد أسرته ومرض من يمرض منهم مثلا؟ ألا يفكر فى تجهيز ابنته وسترها وزفافها إلى زوجها معززة مكرمة؟ ألا يمرض ويتألم ويقاسى الصداع والمغص والسرطان؟

ألا يستدين فيعانى الخوف من عدم السداد فى الميعاد؟ ألا يختلف مع جيرانه أو شركائه أو أقاربه مثلا وتثور بنيه وبينهم المشاكل التى قد تصل إلى المحاكم؟ ألا يتعرض للسرقة والخداع ويضيع منه ماله، والحياة لا تمضى دون مال؟

أم إن المتصوفة ليسوا ينتمون إلينا ولا يعيشون فى دنيانا؟ أتراهم من جنس السوبرمان؟ حتى السوبرمان، يا أخى، يجوع ويعطش ويتألم ويقلق. كل ما هنالك أنه أعلى منا نحن البشر مرتبة، لكنه ليس مُعْفًى من كل ما يشغلنا ويقلقنا، وإلا ما كان مخلوقا!

وهذا إن كان هناك سوبرمان أصلا، إلا أننى أمضى مع الافتراضات إلى آخر المدى. ومرة أخرى أنا لا أحمّل رابعة مثل هذه الأقوال، بل أحمّلها من اخترعوها ونسبوها إليها. وقد يقول بعض الناس: وما الضرر من وراء هذه الحكايات التى تصفها أنت نفسك أحيانا بأنها جميلة وممتعة؟

وجوابى هو أنها جميلة وممتعة ما تنبَّهْنا إلى أنها لا أساس لها من الصحة رغم ذلك.

أما أن يتصور متصور، كما يريد منا مخترعو تلك القصص، أنها حقيقية وأن من الناس من يستطيع صنع تلك العجائب بل الخوارق فإنها تصير حينئذ سببا للإحباط والكدر.

إذ يَظُنّ أن فى طاقة البشر ما يُنْسَب لرابعة وغيرها، ولكنه حين يتحقق أنه لا يستطيع ذلك ينقلب على نفسه لوما وتقريعا ويظل يحاول فيفشل فيزداد سخطا على نفسه ويتهم إيمانه وضميره، وتتحول حياته بهذه الطريقة إلى سلسلة من الخيبات والإحباطات، ولا يهنأ له جنب ولا طعم.

وهناك أقوال تُنْسَب إلى رابعة توحى بـ"الغرور الروحى" إن صح هذا التعبير، فضلا عن ردودها الجافة المتنقّصة لمن يسألها، وهو ما لا يليق صدوره ممن يوصف بالصفاء والتجرد.

ومن هذا الكلام المنسوب إليها، وفيه من الغرور ما فيه، ما جاء فى "المستطرَف من كل فنٍّ مستظرَف" للأبشيهى، إذ يقول: "كانت رابعة العدوية تصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وتقول: والله ما أريدُ بها ثوابا، ولكن ليَسُرّ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول للأنبياء عليهم الصلاة والسلام: انظروا إلى امرأةٍ من أمتي هذا عملُها في اليوم والليلة".

ومعنى هذا أنها قد فعلت ما فعلته لا من أجل نفسها بل من أجل الرسول، مما يوحى بأنها ليست محتاجة إلى صلاتها حاجةَ الرسول إلى تلك الصلاة. وفى هذا ما فيه من الغرور والكبر.

ولا أقف عند قدرة شخص ما أن يصلى ألف ركعة فى اليوم، وهو ما لم يفعله رسول الله ذاته عليه الصلاة والسلام، بل هو مما لا يحتمله الطولُ الزمنى لليوم، وبخاصة أن أمثالها يطيلون الصلاة إطالة.

وحتى لو استطاع اليوم أن يستوعب صلاة ألف ركعة فإن الشخص الذى يصليها لا يمكنه فعل أى شىء آخر فى يومه وليله ولا حتى أن ينام. فكيف تكون حياة مثل هذا الشخص؟ إلا أننى لا أتهمها بذلك ضرورةً، إذ من الجائز جدا، بل هو مما يغلب على ظنى، أن تكون تلك المقالة قد نُسِبَتْ إليها زورا.

ومنها كذلك ما أورده الكلاباذى (ت380هـ) فى "التعرف لمذهب أهل التصوف" من أنه "دخل جماعة على رابعة يعودونها من شكوى، فقالوا: ما حالك؟ قالت: والله ما عرفتُ لعلتى سببا. عُرِضَتْ علىَّ الجنة، فملتُ بقلبى إليها، فأحسب أن مولاى غار علىّ فعاتبنى. فله العُتْبَى".

وفى "أسرار التوحيد" للمنور (ت600هـ): "قال أبو سعيد الخير إنه سمع من أبى علىٍّ الفقيه أن رابعة سئلت كيف بلغتْ هذه المرتبة فى الحياة الروحية، فأجابت: بقولى دائما: اللهم إنى أعوذ بك عن كل ما يشغلنى عنك، ومن كل حائل يحول بينى وبينك".

وقال لها الثورى: لكل عقد شريطة، ولكل إيمان حقيقة، وما حقيقة إيمانك؟ قالت: ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته، فأكون كأجير السوء: إن خاف عَمِل، أو إذا أُعْطِىَ عَمِل، بل عبدتُه حبا له وشوقا إليه.

وفى "الشذرات" لابن العماد أنها كانت تقول لربها: "وعزتك ما عبدتُك رغبةً فى جنتك، بل لمحبتك. وليس هذا ما قطعت عمرى فى السلوك إليه".

ولا أظن القارئ إلا تنبه للتناقض الواضح بين قولها مرة إن قلبها قد مال إلى الجنة وما رُوِىَ من أنها كانت تستعيذ بالله من النار وتصعق إذا ما جاء ذكرها وتسأل الله أسيحرقها بالنار رغم حبها له، وبين قولها لربها إنها لم تعبده حبا فى جنته ولا خوفا من ناره، فضلا عما فى هذاالمعنى الأخير من تطاول مع الذات الإلهية لا يصح صدوره من مسلم.

إذ معناه فى أهون الأحوال أنه أكبر مما يقوله الله لعباده وأنه قد بلغ أفقا من السمو لا يصلح له فيه ذلك الأسلوب الذى يعامَل به سائر المسلمين.

فهل هذا مما يليق؟

أترى هذا قد فات اللهَ سبحانه، فهى تنبهه إليه؟

إننا نحب الله ونتوق إلى مشاهدة جلاله فى الجنة، لكن هل هذا يتناقض مع حبنا لنعيم الجنة وخوفنا من عذاب النار؟

وكيف فاتها أن مشاهدة جلال الله جزء من نعيم الجنة ذاته؟

على أن الأمر لا يقف ها هنا، بل ثم رواية تقول إن بعض الناس شاهدوها سائرة فى الطريق، وفى إحدى يديها ماء، وفى الأخرى نار.

فسألوها ماذا تريد أن تفعل بالماء والنار، فقالت إنها ذاهبة إلى السماء لتضع فى الجنة ما معها من نار، ولتضع فى النار ما معها من ماء، كيلا يكون هناك جنة ولا نار، فيعبد الناس ربهم دون خوف أو طمع بل لوجهه الكريم لا أكثر.

وفى هذه الحكاية غرورٌ زائدٌ من جانب واضعها، إذ لا أظن رابعة هى صاحبتها، وتجاوزٌ لقدره ونسيانٌ منه أنه عبد لله لا ينبغى أن ينسى تلك العبودية لحظة من زمان، إذ من ذا العاقل الذى يفكر فى تعديل كون الله سبحانه على هواه هو بما يفيد أنه لا يعجبه ما قضاه الله منذ الأزل بخصوص الجنة والنار، فأراد أن يقيم وضعا جديدا يختلف عما أراده الله؟

وهذا كله إن كانت قد قالته فعلا ولم يكن محمولا عليها حملا، وهو ما أرجحه، إذ إن هذه الفكرة لا تناسب امرأة مثلها لا نعرف لها ثقافة عميقة متشابكة ولا كانت تتمتع بجرأة تمكنها من قول مثل هذه المقالة، التى تحتاج إلى وسط فكرى معقد وشخصية متمردة لا تناسب أمثالها.

ثم ما معنى أن الله سبحانه جل جلاله قد غار من ميل قلبها إلى الجنة؟ إن كان سبحانه وتعالى يغار من ميل الواحد منا إلى الفوز بالجنة، فلم يا ترى أطال وَصْفَها وفصّله وحبّبنا فيها ودعانا إلى العمل لها؟

ثم هل يصح أن نقول إن الله قد غار من ذلك؟

الواقع أنه إذا كان هذا صحيحا، وهو بالتأكيد غير صحيح، فلن تنتهى غيرته أبدا، إذ ما من واحد من المؤمنين إلا ويميل قلبه إلى الجنة ونعيمها. ألا ترى أيها القارئ المدى المسىء الذى يصل بنا إليه الكلام المنسوب إلى رابعة رحمها الله؟

ومن أقوالها اللاذعة الخشنة، إن كانت قد قالت ذلك، ما نُسِب إليها فى "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" لأبى حاتم السجستانى (ت354هـ)، إذ قال: "أنبأنا علي بن سعيد حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا سهل بن عاصم حدثنا نافع بن خالد قال: دخلنا على رابعة العدوية فذكرنا أسباب الرزق، فخضنا فيه وهي ساكتة. فلما فرغنا قالت رابعة: خيبةً لمن يدعي حُبّه ثم يتهمه في رزقه".

وتعليقى على هذا الرد هو:

أَنَّى يا ترى كانت تحصل رابعة على طعامها وشرابها وملبسها مهما يكن من قلته وتفاهته؟ أتراها كانت تعتمد على من يقوم لها بحاجاتها؟ فهو إذن صاحب الفضل فى ذلك لا هى.

أم ترى رزقها كان ينزل عليها من السماء يوما بيوم فهى لا تحتاج إلى أن تفكر فيه؟ لكن السماء لا ينزل منها طعام ولا شراب، إذ كانت سنن الله فى كونه، ولا تزال، تقتضى منا الجرى وراء الرزق وتحصيله بالتعب والجهد المتواصل كى نأكل ونشرب ونلبس ونسكن ونتداوى ونتعلم ونتنزه.

وفى "الحلية" لأبى نعيم الأصفهانى: "قال أبو عبد الله بن عمرو، قال: نظرت رابعة إلى رياح (ت195هـ) وهو يقبّل صبيا من أهله ويضمه إليه، فقالت: أتحبه؟ قال: نعم. قالت: ما كنتُ أحسب أن فى قلبك موضعا لغيره تبارك اسمه. قال: فسقط رياح مغشيا عليه.

ثم أفاق وهو يمسح العرق من عند وجهه وهو يقول: رحمة من الله تعالى ذِكْرُه ألقاها فى قلوب العباد للأطفال". وقد قرأت مثل هذا الكلام الغريب أشد الغرابة عن الفُضَيْل بن عياض وابنته، فقد "قيل إن الفضيل، كانت له ابنة صغيرة، فوَجِعَ كفُّها، فسألها يوما وقال: يا بنية، ما حال كفّك؟ فقالت: يا أبت، بخير والله. لئن كان الله تعالى ابتلى مني قليلاً، فلقد عافى مني كثيرًا. ابتلى كفي، وعافى سائر بدني، فله الحمد على ذلك.

فقال: يا بنية، أريني كفك. فأَرَتْه فقبَّله، فقالت: يا أبت، أناشدك الله: هل تحبني؟ قال: اللهم نعم. فقالت: سَوْأَةً لك من الله. والله ما ظننت أنك تحب مع الله سواه. فصاح الفضيل وقال: يا سيدي، صبيةٌ صغيرةٌ تعاتبني في حبي لغيرك. وعزتك وجلالك لا أحببتُ معك سواك".

وفى كتاب "الصوفية فى الإسلام" للمستشرق نيكلسون (ترجمة نور الدين شرّيبة/ مكتبة الخانجى/ 1371هـ- 1951م/ 106) أن فُضَيْلاً أجلس ذات يومٍ ابنا له فى الرابعة فى حجره، فقبّله.

فقال له الطفل: أتحبنى يا أبت؟ فقال له: نعم. فسأله الطفل: كم قلبا لك؟ فقال: واحد. فقال الطفل: تحب اثنين بقلب واحد؟ فأدرك الفضيل أن كلام الطفل نصيحة من الله. ثم جعل يجلد رأسه بالحائط غيرةً منه لربه ويتبرأ من محبته للطفل، وأخلص قلبه لله.

وقد نسب نيكلسون هذه الحكاية إلى مخطوط "طبقات الصوفية". ولا نجد أفضل فى الرد على هذا السخف خيرا مما حدث به الرسول عليه الصلاة والسلام.

قال: "جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمِنْ ذلك الجزء يتراحم الـخَلْقُ حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشيةَ أن تصيبه"، وهو ما يعنى بكل وضوح ويقين أن رحمة الآباء لأبنائهم إنما هى من رحمة الله سبحانه، وأنه لا يمكن أن يوجد أى تناقض بين حب الفضيل لابنه أو ابنته وبين حبه لله، إذ إن ذلك الحب إنما هو من هذا الحب.

كذلك هناك الحديث التالى الذى يرويه أبو هريرة رضى الله عنه، قال: "أبصر الأقرعُ بنُ حابسٍ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقبّل الحسن، فقال: إن لي من الولد عشرةً ما قَبّلْتُ أحدا منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يَرْحَم لا يُرْحَم".

ومن بحث منشور بموقع الإيسيسكو للدكتور محمد بن أحمد صالح عنوانه: "عناية الشريعة الإسلامية بالطفولة" نقتطف النص التالى مع شىء من التصرف: "ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الرفق في تربية الأطفال وعلاج أخطائهم بروح الشفقة والرأفة والعطف والرحمة، وعَدّ الغلظة والجفاء في معاملة الأولاد نوعا من فقد الرحمة من القلب، وهدد المتصف بها بأنه عرضة لعدم حصوله على الرحمة من الله.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحدا. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ‘من لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ’.

وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم على إدخال السرور في قلوب الأطفال، إذ كان يُقَبِّلهم ويداعبهم ويحملهم في صلاته: عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حاملٌ أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

وروى عبد الله بن شداد قال: ‘بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر.

فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلتَ السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر. فقال صلى الله عليه وسلم: ‘إن ابني قد ارتحلني، فكرهت أن أُعْجِله حتى يقضي حاجته’.

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يوما إذ قال الخادم إن فاطمة وعليا رضي الله عنهما بالسُدّة... فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين، وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبّلهما.

وأخرج البخاري من حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي، وعليَّ قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‘سنةْ. سنةْ’. قال عبد الله: وهي بالحبشية: ‘حسنة’. قال ثابت عن أنس رضي الله عنه: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبّله ثم شَمَّهُ.

وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن الحسن والحسين: ‘هما ريحانتاي من الدنيا’". وأخرج البخاري من رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت: ‘جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أَتُقَبِّلون صبيانكم؟ فما نُقَبِّلهم.

فقال النبي: ‘أَوَأَمْلِكُ لك أَنْ نَزَعَ الله من قلبك الرحمة؟’. وأخرج البخاري عن رواية أسامة بن زيد رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأخذني فيُقْعِدني على فَخِذه، ويُقْعِد الحسن على فَخِذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: ‘اللهم أحبَّهُمَا’.

وكان صلى الله عليه و سلم يُسلّم على الصبيان ويداعبهم ويتلطف بهم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأخ صغير لأنس بن مالك: ‘يا أبا عُمَيْر، ما فعل النُّغَيْر؟". والنُّغَيْر: اسم لطائر يشبه العصفور كان يلعب به أبو عُمَيْر فمات، فكان صلى الله عليه وسلم يداعب الصبي ليخفف عنه ويزيل حزنه بفقد الطائر الذي كان يلعب به.

وكان التلطف بالصبيان من عادة رسول صلى الله عليه وسلم، فكان يَقْدَم من السفر فيتلقاه الصبيان، فيقف عليهم، ثم يأمر بهم فيرفعون إليه، فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه، ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم.

فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك، فيقول بعضهم: حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه، وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم: أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم".

وهَبْ رابعةَ لم يكن بمقدورها أن تفهم هذا الحب الذى يجده الآباء فى قلوبهم لأبنائهم لأنها لم تتزوج وتنجب، أفلم تكن قادرة على أن تتخيل ما حُرِمَتْه؟ هذا أمر عجيب.

وهبها فاتها ذلك أيضا، ألم تكن تعرف ما قاله النبى عليه السلام فى هذا الشأن؟ إلا أننى لا أستبعد أن يكون هذا الكلام قد وُضِِع على لسانها وَضْعًا، فهى بريئة منه.

لقد رفض عمر بن الخطاب أن يتولى أحد الرجال عملا من أعمال الدولة لأنه لا يجد فى نفسه تعلقا بأولاده الصغار، فرأى رضى الله عنه أن مثل ذلك الشخص محروم من الرحمة لا يمكنه أن يفكر فى أمر الرعية ولا أن يقوم بشؤونها كما ينبغى.

ثم ألم يبك الرسول صلى الله علي وسلم لموت ابنه إبراهيم؟

إن البكاء أشد من التقبيل فى التعبير عن تعلق الأب بابنه، فما هو يا ترى رأى رابعة فيه وفى بكائه؟

وهذا إن كانت حقا قد قالت هذا الكلام. ثم إننا لو أحببنا ربنا من قلوبنا لعرفنا أن هذا الحب لا يكون حبا صحيحا إلا إذا حَمَلَنا على حب العباد. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله. ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله".


وروى العطار أيضا أن الكعبة لم تنتظر حتى تَقْدَم إليها رابعة فانتقلت من مكانها وذهبت إليها حيث هى. ولهذا لم يجدها إبراهيم بن أدهم حين وصل مكة رغم أنه كان قد أنفق فى تلك الحجة أربعين عاما ماشيا على قدميه يصلى ركعتين كلما مشى خطوة.

فما كان من رابعة إلا أن قررت أن تذهب العام التالى بنفسها إلى الكعبة بدلامن أن تأتيها هى. ولما جاء الموسم توجهت ناحية الصحراء وأخذت تتقلب على أضلاعها على الأرض حتى بلغت الكعبة!

وروى العطار كذلك أن الحسن البصرى رأى رابعة جالسة على شاطئ الفرات فألقى على الماء سجادته ووقف عليها وهو يقول: يا رابعة، تعالَىْ لنصلى ركعتين على الماء.

فقالت: يا سيدى، أكل همك أن تظهر أمور هذه الدنيا لأهل الآخرة؟ أظهر لنا شيئا لا يستطيع جمهور الناس أن يفعلوه. قالت هذا، وألقت سجادتها فى الهواء وصعدت عليها وصاحت: يا حسن، نحن هنا فى مكان آمن وأبعد عن عيون الناس...

إلى آخر هذه الحواديت التى يشغف بها الأطفال والعجائز. فإذا كانت هذه الأمور صحيحة فلماذا لم تظهر لها كرامة تأتيها بالطعام الشهى والمسكن النظيف الواسع والملبس الرقيق بدلا من الحياة الجَشِبة الخالية من المتعة التى كانت تقاسيها؟

أليس ذلك أفضل ألف مرة من القنديل الذى كان يتأرجح فوق رأسها معلقا فى الهواء دون سلسلة بلا أية جدوى؟

ألم يقل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن السوء"؟

والآن إلى ما خلفته لنا رابعة من نصوص شعرية ونثرية. والملاحظ أن النصوص الأدبية التى وصلت إلينا منسوبة إلى رابعة قليلة جدا، وهأنذا أسوقها كما وجدتها فى المظانّ المختلفة التى تتحدث عن هذه العابدة المتصوفة.


وأما ريادتها للحب الإلهى فتحتاج إلى التيقن من أنها هى فعلا صاحبة هذه الأشعار والأنثار التى تتناول هذا المعنى، وهو ما لا يمكننا القيام به على نحو قاطع. وسواء كانت هى أو غيرها صاحبة هذه النصوص فلا شك أن منطلق ذلك هو قوله تعالى: "وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ" (البقرة/ 165).

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (المائدة/ 54). إلا أننى لاحظت مع هذا أن القرآن فى موضوع الحب بين الله وعباده المؤمنين به إنما يركز فى المقام الأول، لا على حب المؤمنين لله، بل على حب الله لهم: للمحسنين والمقسطين والمتوكلين والتوابين والمتطهرين وأمثالهم من طوائف المؤمنين، ذلك الحب الذى تكرر فى القرآن مرارا كثارا.

وهذا أمر عجيب لا تخفى دلالته على أحد. قال تعالى: "وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (البقرة/ 195)، "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة/ 222)، "بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (آل عمران/ 76)، "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران/ 134)، "وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ" (آل عمران/ 146)، "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (آل عمران/ 159).

"فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (المائدة/ 13)، "وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (المائدة/ 42)، "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (المائدة/ 93)، "فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (التوبة/ 4).

"فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (التوبة/ 7)، "لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" (التوبة/ 108).

"فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الحجرات/ 9)، "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الممتحنة/ 8).

"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ" (الصف/ 4). فالله يبدأ عباده بالحب، ويشجعهم على بذل الجهد والإخلاص لدينهم وقيمه، ولا يعذبهم أو يتركهم فى بوادى الحيرة والعذاب لا يدرون أهو يبادلهم الحب أم لا، متصورين أنه يحتجب عنهم رغم ما يبذلونه فى مرضاته من سهر وقيام وصوم وحرمان.

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

3 1درس في الحياة من ثاني أغنى رجل في العالم

13 درس في الحياة من ثاني أغنى رجل في العالم

١٣ درس في الحياه من وارن بافت المعروف بثاني أغنى رجل في العالم
 وأكثر المستثمرين نجاحاً في التاريخ الحديث. بافت تبرع بأغلب ثروته المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات للأعمال الخيرية، و هو معروف بنزاهته الشديدة في أوساط المال والأعمال العالمية. ها هي ال ١٣ درس من أحد اساتذة النجاح المادي والعمل الخيري في العالم اليوم مع بعض التعليقات الشخصية مني على هذه الدروس.

١- اخسر المال في شركتي وسوف أسامحك. ولكن اخسر ذرة واحدة من السمعة الحسنة ولن تجد مني أي رحمة: الثروة بالنسبة لبافت شيء يمكن صنعه وإعادة صنعه، أما السمعة الحسنة فأنت تصنعها عبر سنين من الجهد المتواصل، وقد تفقدها في لحظة من عدم الأمانة أو سوء التصرف.

٢- أفضل تأمين ضد الأحوال الإقتصادية المتقلبة هو أن تقدم للمجتمع أقصى ما تستطيع من خدمات: لا يهم الظروف المحيطة، المهم أن تكون دائماً في عمل وتعلم دائم لكل ما هو مفيد. يقول بافت هناك دائماً فرص واسعة لكل من يحترف في عمله ويطور نفسه.

٣- أشعر دائماً بالقلق من هؤلاء الذين يوافقون على كل ما أقول بدون تفكير: الطريق الأكثر نجاحاً هو دائماً الطريق الذي تسلكه الأقلية وليس الأغلبية. نادراً ما تكون الأغلبية على حق في أمور الحياه العامة. احرص دائماً على التفكير المستقل.


٤- من حقك أن تسعد بالثروة المادية فقط إذا ما كانت مكتسبة بالعدل وتستعملها بالحكمة: غير ذلك فأنت تدمر نفسك وتدمر مجتمعك.

٥- عندما تجتهد لتكون شديد التميز في مجالك فقد قفزت فوق المنافسة: احرص على أن يكون منافسك الرئيسي هو أنت نفسك.

٦- احرص على إختيار عمل تحبه ويشعل فيك الحماس مهما كلفك الأمر: بذلك تكون قد قطعت نصف الطريق.

٧- لقد تعلمت الشجاعة عن طريق الموجهة المستمرة مع مصاعب الحياة: الفشل مقبول بل هو ضروري طالما لم يكن فشل مدمر. من الأفضل أن تحاول وتفشل فتتعلم عن أن تفشل مبدئياً بسبب عدم محاولتك من الأساس.

٨- لا يوجد طريق أفضل للسعادة سوى أن تخفض من سقف توقعاتك: افعل الأفضل ولا تنتظر أي شيء من الحياه، بذلك إذا ما جاءك شيء منها، تشعر بالنعمة.

٩- لو وجدت نفسك تفعل شيء بدون سبب غير أن الأخرين يفعلونه، إذاً عليك باعاده التفكير في نفسك وحياتك: أنت على طريق غير طريق النجاح.

١٠- الأخلاق السيئة معدية: كن حذراً في اختيارك لمن تخالط كل يوم. الحياة قصيرة ولا داعي لتضيعها مريضاً بسوء الأخلاق.

١١- لقد فعلت الكثير من الأخطاء في حياتي وعملي ولكني دائماً تجنبت الأخطاء الغبية والمدمرة: سوف تخطئ، لكن قبل أن تبدأ أي عمل عليك بتحديد الأخطاء المدمره والغبية ثم تجنبها كما تتجنب الطاعون. بإمكانك تحديد هذه النوعية من الأخطاء عن طريق التفكير والدراسة المتأنية.

١٢- إذا كان بإمكاني أن أكون متفائلاً وأنا اقترب من نهاية حياتي فكل شاب يجب أن يكون أيضاً متفائل، هذا أمر ضروري.


١٣- إذهب إلى سريرك أكثر حكمة من ذات الصباح حين استيقظت: احرص دائماً على أن تتعلم شيء جديد كل يوم مهما كان صغيراً. مع الوقت سوف تتراكم الخبرات والحكمة بشكل يفوق توقعاتك

الثلاثاء، 26 مارس 2013

تعلم .. فن إحراج من يكرهك




أي إنسان منا لا بد وأن يجد في بيئته ومجتمعه من يكرهه لسبب أو لآخر !!

إذ لا يمكن أن يعيش إنسان بدون ذلك وللأسف ، ليس في هذا العصر فحسب ، بل أحسب أن الأمر قديم قدم البشر   !!

وحتى لو حاول المرء منا أن يكون أطيب من الطيبة ذاتها فلا بد وأن تجد من يعاديك أو يكرهك بدرجة وأخرى ولو لم تلقاه يوماً أو إن صح وجاز التعبير لا تعرفه مطلقاً !!

قد تكون أعمالك أو أرائك من أسباب كراهية ومعاداة البعض لك ؟!
وقد يكون نجاحك في حياتك من الأسباب أيضاً !!

وقد يأتي بروزك وشهرتك في المجتمع ضمن أسباب وبواعث المعاداة في نفوس البعض ، أو أسباب أخرى عديدة أكثر من أن نحصيها في هذا المساحة المحدودة ..
 ليست هذه هي القضية الأساسية ، ولا أظن أنها تستأهل منا التفكير فيها والاهتمام بها ، بل تجاهلها هو الأفضل والأجدى !!

ذلك أن الذي يكرهك أو يعاديك يكون هو نفسه في ضيق وكدر دائمين ، وهذا في ظني عقوبة قاسية منك لكارهك ومعاديك . وهذا أولاً !!

أما الخطوة التالية في زيادة الهم عند معاديك هي إحراجه .. وهذه هي الطريقة :

لو قام الذي يعاديك ويكرهك يوماً بذكر مساوئ ومعايب عنك أمام الناس وفي حضورك ، ولكن من دون أن يشير إليك أو يذكر اسمك ، فلا تقاومه .. وتدافع عن نفسك ..
بل قم أنت بتأييده وانتقاد من به تلك المساوئ أيضا!!
 وكأنك لا تعلم أبداً أنك المقصود ، وهذا ما سيثير استغرابه !!

حاول أن تجيب على تساؤلاته بـ التطرق إلى موضوعات أخرى بعيدة عن الموضوع ، فإن أصر على الموضوع وقام بتسميتك هذه المرة وأنك المقصود ، فاظهر له استغرابك وأنك كنت تتوقع أن يكون ذلك مزحاً !!
فإن رأيت إصراراً منه ،قم بتلطيف الأجواء عن طريق إجابات طريفة وسرد بعض النكات ..

وهذا ما سيعمل على إغاظته وإثارته أكثر فأكثر ، فتكون نتيجة ذلك ظهوره بمظهر غير لائق وهو ثائر غضبان ، في حين تكون أنت كقطعة ثلج في صحراء سيبيريا الباردة لا تذوب أبداً !!

في ذلك الوقت سيبدأ الشخص بملاحظة نفسه وأنه ثائر على لا شيء وأن مظهره بـ الفعل غير لائق أمام الناس،، فيبدأ بالميلان نحو التهدئة التلقائية ، ومن ثم الوقوع تدريجياً في دائرة الإحراج ، بدءً من الناس الحاضرين أو منك أنت المكروه !!
وموقفك ذلك سيجعله يفكر مستقبلاً ألف مرة قبل أن يهاجمك أمام الآخرين ، وسيدرك أنه ما كان يجب عليه القيام بذلك ، فتراه وقد تركك نهائياً ..
قد لا يكون من المرة الأولى ؟
بل قد يترك معاداتك وكراهيتك أيضاً !!

من هنا يتبين
أن القوة في المرء هي في كتم الغيظ وضبط النفس ،

ومن ذلك يتعين على أي فرد منا الابتعاد عن تلك التفاهات وصغائر الأمور ، ولا يدع مجالاً أو مساحةً في القلب لكره أحد أو معاداته !!

فــ الحياة قصيرة ولا تستحق !!